للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأطباء في حلب]

عهدنا أن الأطباء في حلب كانوا يداوون المرضى على قوانين الطب القديم. ثم في حدود سنة ١٢٧٠ بدأ الأطباء الغربيون يحضرون إلى حلب ويداوون المرضى على قوانين الطب الحديث التي تلقوها في مدارس أوروبا وقد أخذ عن بعضهم جماعة من الحلبيين مبادئ الطب الجديد وشرعوا يطببون الناس بما أخذوه عن أساتذتهم. أما الآن فإن الأطباء هم من المتخرجين في المكاتب الطبية الرسمية وليس لأحد أن يعاني حرفة الطب إلا بإجازة من تلك المدارس. ويوجد الآن في حلب أطباء ماهرون ومنهم المتخصصون بنوع من الطب كالجراحة وأمراض العيون وأمراض الأذن والأمراض الجلدية وغيرها. على أنه ما زال يوجد في الحلبيين بعض أطباء متخصصين بجبر الكسر ومداواة بعض القروح التي ربما يعسر برؤها على حذاق الأطباء الغربيين فتبرأ عن يد الحلبيين المذكورين الذين تلقوا حرفتهم هذه عن أسلافهم تلقيا دون قراءة ولا كتابة.

[استطراد مفيد في معارف المسلمين ومدنيتهم]

طلب العلم في الشريعة الإسلامية فرض عين وفرض كفاية. فالأول هو تعلم كلمتي الشهادة وفهم معناهما وكل ما يجب اعتقاده ثم تعلم أحكام الطهارة والصلاة والصوم والحج والزكاة حين وجوب كل فريضة منها على المكلف بها ثم تعلم ما يجب عليه تركه من النواهي كالزّنى وشرب الخمر والسرقة وقتل النفس وما يجب عليه إتيانه من بر الوالدين وانجاز الوعد ووفاء العهد وأداء الأمانة وغير ذلك من الأمور المستحسنة. والثاني هو فرض كفاية ينقسم إلى شرعي وغير شرعي. فالأول هو علم الأصول والفروع والعلوم الآلية: كالنحو واللغة وعلوم القرآن. والثاني هو كل علم لا يستغنى عنه في قوام أمور الدنيا وذلك كالطب والحساب والهندسة والفلاحة والحياكة والسياسة والخياطة وكل ما له دخل في هذه الأمور وما يتوقف عليه إتمامها كاستخراج المعادن وعملها أواني وأوائل للجهاد والصنائع ونحو ذلك، فإن البلد إذا خلا عمن يعرف هذه الحرف أو علما من تلك العلوم يأثم أهله كلهم.

فشريعة الإسلام كما أرشدت الخلق إلى ما به صلاح آخرتهم جعلت لهم نصيبا وافرا مما يكون به صلاح دنياهم فحثّت على العلم وبينت فضائله ورغبت فيه. فمن ذلك قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>