للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلقا وإنما يزرع مجددا في كل سنة. هذا ما أدى إليه اجتهادي ودلني عليه البحث والاستقصاء والله أعلم.

[اعتدال مناخ حلب]

ينبغي أن تعد حلب من البلاد المعتدلة المناخ، لأنها في وسط معتدل من الأقاليم الرابع، لكن لما كانت حجارة مبانيها ذات مسام تحفظ الحر والبرد زمنا طويلا ثم تعكسهما، كان لحرها وبردها تأثير شديد في موسم الشتاء والصيف وهي تستمد البرد أيضا من جبل أومانوس المتوج بالثلوج في أكثر الأوقات وليس بين أصله وبين حلب سوى مسافة ثلاثين ميلا.

ليس لوقوع الثلج في حلب ضابط بعد دخول الكوانين، إذ ربما وقع في أواخر نيسان.

وأكثر وقوعه في كانون الثاني، وإذا وقع فالغالب أن لا يبقى أكثر من ثلاثة أيام، وقليلا ما يبقى أكثر من هذه المدة. وأما البرد فالغالب أن يكون وقوعه قليلا في فصل الربيع.

وأما الضباب فيكثر انتشاره في الكانونين. وإذا انتشر مساء. دل غالبا على المطر ليلا، أو صباحا دل غالبا على الصحو نهارا. ومن الأمثال السائرة بين أهل حلب قولهم في الضباب: (إذا وقع عشيّه حوّش مغارة دفّيه، وإذا وقع باكر خذ العصا وسافر) .

[ماء حلب]

أما ماؤها فينقسم إلى ثلاثة أقسام: ماء مطر وماء قناة وماء ينبوع. أما ماء المطر فإنه يجمع مما يسقط منه على أسطحة البيوت، ويحرز في الآبار المعروفة بالصهاريج، ويترك حتى يرقد فيعود نقيا باردا لطيفا مدرا خفيفا. لكنه كثيرا ما يتكون فيه جراثيم حيوانية للحوقه بعض مواد زفرة. أو يكتسب من طول مكثه رائحة عفنية وطعما نباتيا إذا كانت البئر سحيقة وليس لها نافذة توصل إليها الهواء. وفي هاتين الحالتين يجب اجتنابه. وأما ماء القناة فإن استعمل قبل صفائه في الآبار وغيرها فهو السمّ الناقع يورث الحمى والإسهال وأمراض المعدة وغير ذلك من العلل الفتاكة. وإن استعمل بعد الصفاء والبرودة قل ضرره على شرط خلوه من الجراثيم الحيوية وعدم مكثه في الصهاريج أكثر من ستة أشهر وإلا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>