للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نافست ملوك جنكيزخان عليه، ووجهت دسائس رسلها إليه، وبعثت تجدّ في طلبه فنوسيت «١» عليه الأمور أعظمها خوف توثبه، وما زال على هذا ومثله إلى أن صرعه أجله، وأتاه بشير الجنة يستعجله، فانتقل إلى الله، والظن به أنه لا يخجله.

ولد بحرّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة، وقدم مع والده وأهله دمشق وهو صغير «٢» ، فسمع ابن عبد الدائم وطبقته «٣» ، ثم طلب بنفسه قراءة وسماعا من خلق كثير، وقرأ بنفسه الكتب، وكتب الطباق والأثبات ولازم السماع مدّة سنين واشتغل بالعلوم، وكان من أذكى الناس، كثير الحفظ، قليل النسيان، قلّما حفظ شيئا فنسيه «٤» ، وكان إماما في التفسير، وعلوم القرآن، عارفا بالفقه واختلاف الفقهاء، والأصلين والنحو وما يتعلق به، واللغة والمنطق، وعلم الهيئة والجبر والمقابلة وعلم الحساب، وعلم أهل الكتابين وأهل البدع، وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية، وما تكلم معه فاضل في فن من الفنون إلا ظن أن ذلك الفنّ فنّه، وكان حفظة للحديث مميّزا بين صحيحه وسقيمه، عارفا برجاله متضلعا من ذلك، وله تصانيف كثيرة وتعاليق مفيدة «٥» ، (ص ٣٠٠) وفتاوى مشبعة في الفروع والأصول كمل منها جملة في الفقه والحديث وردّ البدع بالكتاب والسنة، مثل كتاب الصارم المسلول على منتقص الرسول، وكتاب تبطيل التحليل، وكتاب اقتضاء الصراط المستقيم، وكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>