للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزء لطيف في أغاليط الفقهاء. وله الردّ على ابن الخشاب في الكتاب الذي بيّن فيه غلط الحريري في المقامات، وانتصر للحريري وما أقصر فيما عمله. وتوفي بمصر في شوال سنة اثنتين وثمانين وخمسمئة وكان وسخ الثوب رديء الهيئة واللبسة. يحكي عنه المصريون عجائب منها: أنه اشترى لحما وخبزا وبيضا وحطبا، وحمل الجميع في كمّه، وجاء إلى منزله فوجد أهله قد ذهبوا لبعض شأنهم والباب مغلقا، فتقدّم إلى كوّة هناك تفضي إلى داره، فجعل يلقي منها الشيء بعد الشيء، ولم يفكر في تكسير البيض، وأكل السنانير اللحم والخبز إذا خلت به. ومنها أنه اشترى عنبا وجعله في كمّه، وحادث بعض أصحابه وجعل يعبث بالعنب حتى سال على رجليه، فقال لصاحبه: نجي المطر؟ فقلت: لا، فقال: فما هذا الذي سقط على رجلي؟ قال: فأملته، فإذا هو العنب، فاخبرته فخجل واستحيا ومضى.

ويحكون عنه من الحذق وحسن الجواب عمّا يسأل عنه ما يعجب. وله نسختان، الجامع بين الأضداد. ويحكى عنه أنه كان لا يتكلف في كلامه، ولا يتقيد في الإعراب بل يسترسل في حديثه كيفما اتّفق، حتى قال يوما لبعض تلامذته ممن يشتغل عليه: اشتر لي هندباء بعروقو، فقال له التلميذ: بعروقو، فعزّ عليه كلامه، وقال له: لا تأخذه إلّا بعروقو، وإن لم يكن بعروقو لا تأخذه. وكانت له ألفاظ من هذا الجنس، لا يكترث بما يقوله، ولا يتوقف على إعراب.

ومنهم:

٤- بهاء الدين ابن النحاس «١٣»

محمد بن إبراهيم بن محمد ابن أبي نصر، أبو عبد الله الحلبي، شيخ العربية بالديار المصرية. طالما سهر جفنه للسهر بالإغراء، ورفع خبر ليله بمبتدأ الليلة الغرّا. برع بمصر ففاض فيض النيل في جنباتها، وقال مقيل النعيم في جنّاتها. وكان محسودا على ما أتاه الله من

<<  <  ج: ص:  >  >>