للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو حي. فقالوا: الذي رآه مولانا السلطان.

فحبسه في مكان منفرد، بقلعة الجبل، ولم يمكّن أحدا من الدخول إليه إلا من يثق به السلطان غاية الوثوق، ويدخل إليه بالأطعمة الفاخرة، والأشربة، والفواكه، والملابس تغير عليه كل وقت.

وكان حبسه في ثاني عشر شوال سنة إحدى وسبعين وستمائة.

وتوفي يوم الخميس سادس المحرّم، أو ليلة الجمعة سابعه، وأخرج يوم الجمعة المذكور من سجنه بقلعة الجبل، ميتا، فسلّم إلى أهله، فحملوه إلى زاويته المعروفة بخط الجامع الظاهري بالحسينية، فغسّل بها، [وحمل إلى الجامع المذكور] «١» ، وصلّي عليه عقيب الجمعة بالجامع المذكور، ودفن بتربة أنشأها لنفسه بالزاوية، وقد نيف على الخمسين. «٢»

ولما عاد الظاهر من الروم، كتب بالإفراج عنه، وجهّزه على البريد، فوصل البريد بعد موته. وكان بنى له الظاهر زاوية بالحسينية، ووقف عليها أحكارا يحصل منها في كل سنة فوق ثلاثين ألف درهم.

وبنى له بالقدس زاوية، وبجبل المزة ظاهر دمشق زاوية، وبظاهر بعلبك زاوية، وبحماة زاوية، وبحمص زاوية، وفي جميعها فقراء، وعليهم الأوقاف، وصرّفه في ملكه يحكم ولا يحكم عليه، ولا يخالف أمره في جليل ولا حقير، ويتقي جانبه الخاص والعام، حتى الأمير بدر الدين الخازندار، والصاحب بهاء الدين، وملوك الأطراف، وملوك الفرنج وغيرهم.

وهدم بدمشق كنيسة اليهود ونهبها، وكان فيها من الآلات والفرش ما لا يعبّر عنه، وصيّرها مسجدا وبنى بها المحاريب، وعمل بها سماعا، ومدّ بها سماطا. ودخل كنيسة الاسكندرية، وهي معظّمة عند النصارى، ويعدونها كرسيا من كراسيهم، ويعتقدون فيها البركة، ويزعمون أن رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام فيها، وهو عندهم يحيى

<<  <  ج: ص:  >  >>