للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالروم لهم الثلث وهم أهل التثليث [١] وهذا الذي نحن في ذكره الآن، مما وقع في قسمهم، وطبع إلى وقتنا بطبائع اسمهم، هو الذي «١» الواقع على شرقي الخليج القسطنطيني متصلا بأرمينية وديار العرب والعواصم والشام.

وهو أثرى الممالك بلا احتشام خلا أنه بكثرة الثلوج كالح الوجه، في شبابه أشيب اللمة في قبابه «٢» لا يستسقى به محب لأتراك، (ولا يسأم، ولا بارق فيه لعارضة برق) «٣» [٢] ، ولا يشأم، إلا أن صخوره تتفجر ماء وتتفجر أنواء، يعقد دون السماء بسماء، فتخصب زرعها، ويحطم المحل ضرعها، وتخصف ورق الجنّة على الخلائق، تمرها وينعها، وتطرب ورقها لمنظرها البديع، ومخبرها من صناعة صنعاء الربيع، فلا تسمع إلا كل مطربة تناجي النجى وتشجى الشجى، وتخلب قلب الخلي، وتهب الغواني ما في أطواقها من الحلى، يعجب ثوبها السندس، ونباتها المتعلق بذيل النهار «٤» سجافها القندسي، فلا تجول في أرضها إلا على أرائك ولا ينظر إلا نساء كالحور العين، وولدانا كالملائك.

وآخر ما كانت في أيام السلجوقية على ما قدمنا ذكره دار بهجة وسناء، ومجلس أنس لكؤوس وغناء، انتهبوا العيش بها نهبا وقطعوا الأيام بالمسرات فيها وثبا، ثم جرى عليها ملك أولاد جنكيز خان، لما فاضوا على الأرض من كل مكان، إلا أنهم أبقوا على بقايا السلجوقية الملك بالروم، وحكموا معهم من يمنع أسودهم


[١] لقولهم الأب والابن والروح القدس.
[٢] ما بين القوسين زائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>