للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال يوسف بن إبراهيم: كان مجلس يوحنا بن ماسويه أعمر مجلس كنت أراه بمدينة السلام لمتطبّب أو متكلّم، أو متفلسف، لأنه كان يجتمع به كل صنف من أصناف أهل الأدب، وكان في يوحنا دعابة شديدة، يحضر بعض من يحضر لأجلها، وكان من ضيق الصدر، وشدة الحدّة على أكثر مما كان عليه جبريل بن بختيشوع، وكانت الحدة تخرج منه ألفاظا مضحكة، وكان أطيب مجلسه في وقت نظره في قوارير الماء، وكنت وابن حمدون بن عبد الصمد بن علي الملقّب بأبي العيرطرد، وإسحاق بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الملقب ببيض البغل، قد توكلنا به نحفظ نوادره، وأظهرت له التلمذة [في قراءة كتب المنطق عليه، وأظهرا له التلمذة] «١» بقراءتهما كتب جالينوس عليه في الطب.

قال يوسف: مما حفظت من نوادره في وقت نظره: أن امرأة أتته فقالت له:

إن فلانة وفلانة وفلانة يقرءون عليك السلام!.

فقال لها: أنا بأسماء أهل سطنطينية، وعمّورية، أعلم مني بأسماء الذين أسميتيهم، فأظهري بولك حتى أنظر لك فيه!.

قال يوسف: وحفظت عليه أن رجلا شكا إليه علة كان شفاؤه منها الفصد، فأشار به عليه.

فقال له: لم أعتد الفصد!.

فقال له: ولا أحسب أحدا اعتاده في بطن أمه، وكذلك لم يعتد العلة قبل أن يعتل، وقد حدثت بك، فاختر ما شئت من الصبر على ما أحدثت لك الطبيعة من العلة، أو اعتياد الفصد لتسلم منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>