للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتعلم، فعلت ذلك.

فقال: هذا شيء يطول، ورغّبه ورهّبه، وهو لا يزيد على قوله، فحبسه في بعض القلاع، ووكّل من يأتيه بأخباره. فمكث سنة غير مكترث بما هو فيه، دأبه النقل والتفسير والتصنيف، ثم أحضره، وأحضر له أموالا وغيها، وسيفا، ونطعا يرهبه به، وهو على قوله. فقال له: إني أقتلك!. فقال: إن لي ربّا يأخذ بحقي، فإن اختار أمير المؤمنين أن يظلم نفسه فليفعل، فتبسّم له، وقال: طب نفسا، فإنما أردت أن أمتحنك لننتفع بعلمك. فقبّل حنين الأرض، وشكر له، فقال له الخليفة: ما منعك يا حنين من الإجابة مع ما رأيت منا في الحالين؟. فقال:

شيئان. قال: ما هما؟. قال: الدين والصناعة. فخلع عليه، وحمل المال بين يديه، وخرج وهو أحسن عنده حالا.

قال الصّقلّي: كان حنين من رفقة سيبويه في الاشتغال في النحو على الخليل بن أحمد.

وخدم حنين المتوكل، وحظي في أيامه، وكان يلبس زنّارا!.

قال القباني: كان حنين في كل يوم عند نزوله من الركوب يدخل الحمام يصبّ عليه الماء، ويخرج، فيلتف بقطيفة، وقد أعد له هناب من فضة، فيه رطل من شراب، وكعكة مثرودة فيه، فيأكلها ويشرب الشراب ويطرح نفسه حتى يستوفي عرقه. وربما نام، ثم يقوم ويتبخّر، ويقدّم له طعامه، وهو فرّوج كبير مسمّن، قد طبخ بزيرباج «١» ، ورغيف فيه مائتا درهم، فيحسو المرق، ثم يأكل

<<  <  ج: ص:  >  >>