للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ذلك الشق، ثم يسده بعد ذلك.

قال: فمنعه الجرائحي من بيع الشيح واقتطعه، وعلّمه الطب، وكان منه اليبرودي، وهو من مشاهير الأطباء الفضلاء.

وكان لليبرودي مراسلات إلى ابن رضوان بمصر، وإلى غيره من الأطباء المصريين، وله إليهم مسائل عدة طبية، ومباحث دقيقة، وكتب بخطه شيئا كثيرا من الطب، ولا سيما من كتب جالينوس، وشروحها، وجوامعها.

وحدّثني السني البعلبكي: أن اليبرودي عبر يوما في سوق جيرون بدمشق «١» ، فرأى إنسانا وقد بايع على أن يأكل أرطالا من لحم الفرس مسلوقة، مما يباع في السوق، فلما رآه وقد أمعن في أكله بأكثر مما تحمله قوته، ثم شرب بعده فقاعا كثيرا «٢» ، وماء بثلج، واضطربت أحواله، فتفرّس فيه أنه لا بدّ أن يغمى عليه، وأن يكون في حالة أقرب إلى الموت، إن لم يتلاحق، فتبعه إلى المنزل الذي له، واستشرف إلى ماذا يؤول أمره، فلم يكن إلا أيسر وقت وأهله يصيحون ويضجّون بالبكاء، ويزعمون أنه قد مات فأتى إليهم، وقال: أنا أبريه، وما عليه بأس. ثم إنه أخذه إلى حمّام قريب من ذلك، وفتح فكيه كرها، ثم سكب في حلقه ماء حارا، وقد أضاف إليه أدوية مقوية للقيء، وقيّأه برفق، ثم عاله، وتلطّف في مداواته حتى أفاق وعاد إلى صحته، فتعجّب الناس منه في ذلك الفعل، وحسن تأنّيه إلى مداواة ذلك الرجل، واشتهرت عنه هذه القضية، وتميّز بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>