للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعمة، ولو سقيته ماء الحياة على مثل هذه الحال لم ينتفع به، فأطلقه من الحديد والجب وأكرمه فإنّ ذلك كاف في علاجه.

فقال له: هذا عليه قطيعة «١» كثيرة وأخاف أن يهرب. فقال ابن فانة: أيها الملك! سلّمه إليّ وضمانه عليّ.

فقال له: تسلّمه، فإذا جاءت قطيعته لك فيها ألف دينار. ثم أخذه إليه وفكّ حديده وأخلى له موضعا من داره، وبالغ في إكرامه؛ فلما مضت ستة أشهر، أمره ماري بإحضاره، فأحضره، فوجد قطيعته قد جاءت في أكياس، فأعطى ابن فانة منها كيسا فيه ألف دينار، كما وعده وأطلق سراح الفقيه عيسى؛ فقال ابن فانة:

أيها الملك هذه الألف دينار قد صارت لي، وأتصرّف فيها تصرّف الملّاك في أملاكهم، قال له: نعم. فأعطاها للفقيه لوقته، وقال له: أنا أعرف أن هذه القطيعة ما جاءت وقد تركت خلفك شيئا وربما استدانوا لك فيها، فاقبل مني هذه في نفقة الطريق، فقبلها منه، وكان ابن فانة عارفا بالنجامة، ورأى أن صلاح الدين سيدخل القدس من باب الرحمة، فبعث ولده أبا الخير إليه مبشرا بذلك، فأجازه جائزة سنية، وأعطاه علما أصفر، ونشابة لأمانه، فلما دخل صلاح الدين إلى القدس دخل الفقيه عيسى داره وحماها أن تنال بسوء هي وجميع ما جاورها.

ومنهم:

١٨٤- ابنه: الموفق أبو شاكر موفق الدين «١٣»

لم يقف عند غاية أبيه وهي نائيه، ولم يقف آثاره والسحب وراءها غير متوانيه، تشرّف بالإسلام وتعرّف بالهدى وعداه الملام، وحظي ممن خدمهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>