للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان ابن جامع برّا بوالدته، وكانت مقيمة بمكة، فدعاه إبراهيم بن المهدي فأظهر له كتابا إلى أمير المؤمنين في نعي والدته، فجزع لذلك جزعا شديدا، وجعل يعزيه جميع من حضر، وجاؤوا بالطعام فلم يتركوه حتى أكل وشرب، وسألوه الغناء فامتنع، فقال له إبراهيم: إنك ستبذل هذا لأمير المؤمنين، فابذله لإخوانك، فاندفع يغنّي: «١» [البسيط]

كم بالدّروب وأرض الشام من قدم ... ومن مصارع قوم ما هم قبروا

بقندهار ومن تقدر منيّته ... بقندهار يرجّم دونه الخبر «٢»

[ص ٥٣] وجعل إبراهيم يسترده حتى صلح له، ثم قال: لا والله، ما كان مما أخبرناك شيء «٣» ، فإنما مزحنا معك، فطابت نفسه، ثم قال له إبراهيم: ردّ عليه الصوت، فغنّاه، فلم يكن من الغناء الأول في شيء، فقال إبراهيم: خذه الآن عليّ، فأدّاه إبراهيم على السماع [الأول] ، فقال له ابن جامع: أحب أن تطرحه أنت عليّ كذلك.

قال ابن جامع: ضمني الدهر «٤» ضما شديدا بمكة، فانتقلت عنها بعيالي إلى المدينة، فأصبحت يوما ولا أملك إلا ثلاثة دراهم، فهي في كمي، إذا أنا بجارية حميراء، على رقبتها جرة تريد الرّكي «٥» تستقي، وهي ترنم بصوت شجي: «٦» [الطويل] .

شكونا إلى أحبابنا طول ليلنا ... فقالوا لنا ما أقصر الليل عندنا

<<  <  ج: ص:  >  >>