للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مليحا، وتفرد بعمل المشجّرات، حتى شجر في العلوم على اختلاف أنواعها، وأجاد في الموسيقا وبرز فيها، وسمعت من صناعته المطربة، ورأيت من تشجيره الفائق ملء العين والأذن، وسر البصر والسمع، ودنا من السلطان أبي سعيد بهادر قان رحمه الله دنوا زائدا، وكان ممن شملته لديه عناية الوزير ملك الوزراء محمد خواجا رشيد، وتقدم به، كان لا يزال يحضر مجلسه ويكون [ص ٣٦٢] من المقربين إليه وأهل الحظوة لديه، واستكتبه عن القان أبو سعيد، وعنه [تصدر] الكتب العربية التي كانت تكتب إلى سلطاننا، وإلى السلطان محمد بن طغلقشاه بالهند، وكانت له جملة كبيرة على ذلك، مع ما له من المقدرات والأقدارات والرواتب، وكان لا يتلقى المراسم إلا عن الوزير، ولم يكن كاتبا مستقرا للإنشاء، إذ لا عادة للقوم بذلك، ولكنه كان في هذا المعنى، ولقد كانت تجيء بخطه الكتب المليحة البليغة بالخط المليح، والألفاظ الفصيحة السهلة التناول، القريبة المأخذ، على خاطري منها في كتاب كبير عن أبي سعيد إلى سلطاننا في معنى الحاج العراقي، وأنّ توجّهه من العراق إلى الحجاز، أقرب عليه من توجّهه على الشام إلى الحجاز.

قال فيه: «والقلوب بالإحسان تملك، وأقرب الطرق إلى الله أولى بأن تسلك» ، وهاتان كلمتان تقوم في المعنى المقصود مقام كتاب مطول، مع خفة موقعهما، وتمكينهما في موضعهما، ولقد كان يقع في كتبه في هذه النسبة كل حسن، وكان يجري على الطلق «١» ممتد الرسن، وقد جهز مرات أميرا على المركب العراقي، تارة مستقلا، وتارة شريكا، وكانت تجيء أخباره بتوجهه، ولما آل الملك إلى موسى قان الملك القائم من ولد بيدو، ضاعف علي باشا بن حنجل- القائم بدولته- إكرامه، ووفّر احترامه، وكان هو والأمير الوزير نجم الدين محمود

<<  <  ج: ص:  >  >>