للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشعره قريب التناول على الأفهام، قريب يعدّ من الإلهام. طاف الآفاق له طيف زائر، وشقّ الأقطار بجناح طائر. وهو لميل النفوس إلى سماعه، وميل الرءوس بإيقاعه، كأنّما اشتقّ من كلّ البلاد، وشقّ ليجتبيه كلّ فؤاد، سواء العاكف فيه والباد، والمتروّي منه والصاد.

قلت: وقد ذكره ابن الفخر عيسى الإربلي في تذكرته، وهي التذكرة الفخرية، وقال: «فارس مبارز في حلبات الأدب، وعالم مبرز في لغة العرب.

شعره أحسن من الروض جاده الغمام، وأزهى من اللؤلؤ الرطب زانه النظام. قال:

وعاشرته مدّة فملأ سمعي ببدائع فرائده، التي هي أحسن من الدّرّ في قلائده.

وطلبت منه الإجازة فاعتذر اعتذار خجل، وأطرق إطراق وجل، وقال: أنا والله أجلّك عن هذا الهذر، وأنت أولى من عذر «١» وسريع الاعتلاق بالخواطر، والاعتلاج في الضمائر. ومن مشهود قدره، في مشهور شعره، قوله: «٢» [الطويل]

بعثت لنا من سحر مقلتك الوسنى ... سهادا يذود الجفن أن يألف الجفنا

وأبصر جسمي حسن خصرك ناحلا ... فحاكاه لكن زاد في دقّة المعنى

ومنه قوله: [الكامل]

يوم تكاثف غيمه فكأنّه ... دون السّماء دخان ندّ أخضر

(٧٩) والطّلّ مثل برادة من فضّة ... منثورة في تربة من عنبر

والشمس أحيانا تلوح كأنّها ... أمة تعرّض نفسها للمشتري

ومنه قوله: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>