للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمسك، وكان يهب على ضيق ذات يده، ومضيق رقعة ملكه وبلده بدرا وألوفا، ويرهب أعداء وصفوفا، كان يغزو وهو في الوطن، ويسكن وتحت سكونه حركات الفطن، وكان قائما بالحق قائلا له وقائلا في ظله، لا يفارق ظله، وأوت الرعايا منه إلى أب برّ تميل على جوانبه، وإمام عادل لا يكف عن الأرض مطر سحائبه،

فكأنما كانوا في أيامه لمنّها في الحلم، ولأمنها في الأشهر الحرم، هذا مع شراسة خلق، وشكاسة عضب لا ينجاب لها أفق يحتاج من حضره وقد حضره ذلك الخلق الشرس والغضب اليبس [ص ٢٣] أن يغيب عنه وجهه مقدار حلب لقاح، أو ما يجف الندى عن الإقاح، وقد تجلت تلك الغيابة العارضة، وهدأت شقاشق تلك الغمامة العارضة، وعاد إلى أحسن خلقه، وأعاذ بإحسان نبته من أساءة خرقه، وتسفر تلك الرياض الدمائث، ويتضوع كالمسك في ند مائث «١» ، ومن كنوز المطالب أنه وصل إلى الري في جموع عظيمة هال أمرها، وآل الأمر إلى أن هزمه كوبكين صاحب الري، ثم جلس كوبكين لضرب أعناق الأسرى، فوثب منهم ديلمي على السياف فاستلب سيفه من يده وعلاه به فقتله، ومر هاربا، فلم يلحق وكوبكين ينظر إليه ويضحك، ثم هبّت للقائم بالحق سعادة ملك بها جرجان وبعض خراسان، وظهرت أشعته في تلك الأقطار، ثم هزمه عسكر السامانية، فقتلوه سنة ثمان وثمانين ومائتين، ثم كانت بعده ثمّ حروب يطول شرحها، وللقائم هذا أدب، ومن شعره قوله:

[الخفيف]

إن يكن نالك الزمان بصرف ... أضرمت ناره عليك فجلّت

فاخفض الجأش واصبرنّ رويدا ... فالرزايا إذا تجلّت تجلّت

<<  <  ج: ص:  >  >>