للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حي، وأومئ إليه بالإشارة وما أقفر حي، وكان لما أجمعت عليه الشورى وحنت إليه الآراء إربا وشورى، قد لبس بالبطائح ثياب طائح، فجهز إليه الشعار الخليفيّ، وأتاه بالسواد في حلية الشباب الفتيّ، ومما بعث إليه من الإرث الأبوي، والأثر النبوي، فلما قدم تلقي بإجلال الخلفاء، وحمالة المواكب بالسادات والشرفاء، حتى إذا دخل القصر من سعة الفضاء إلى ضيق الحصر، وطالت سني ملكه، حتى جاوزت إحدى وأربعين، وتغيرت دول الملوك ولا يجد من على الأرب يعين، فكان كلما أتى آت سلك سبيل من كان قبله من التضييق، وتركه من قبله في قصره المتسع في مضيق، وكان في صباه مقصورا على جوب وهيام، وحور مقصورات في الخيام، له كلف بالجواري والعذارى الهيف، ذات كل ردف ثقيل وخصر لطيف، وله بكؤوس المدام اهتمام، وبكوب السابقين إلى حل الغرام التيام، وبما ينفق من عمره من غير الندام اغتمام، فكان لا يبرح صريع جام ملآن، أو في استجمام لرحيق ريق فلانة أو أم فلان، فما نهضت له قط كلمة، ولا قط بالسيف رأس عدوه ولا قلمه، فكان مدة ولايته لا يضر ولا ينفع، لا ولا يرشح، لأنه يأمر لا ولا أن يشفع، فما كان على شىء كما قال قادرا، ولا وفيا ولا غادرا، ثم مات حتف أنفه، ولا شكر الناس من لينه، ولا شكوا من عنفه «١» .

ثم:

٨٠- دولة القائم بأمر بالله [ص ١٧٠]

أبي جعفر عبد الله «٢» بن أحمد القادر، ولي بعد أبيه القادر، وعهد زمانه

<<  <  ج: ص:  >  >>