للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا رجل قاض، ولا يجوز لي أن أبايع إلا بعد أن يثبت عندي خلع المتقدم، فأحضروا الشهود، وشهدوا عنده بما أوجب خلعه، فقال: هذا قد ثبت، ولكن لابد لنا في هذه الدعوة من نصيب، لأن أمير المؤمنين قد حصلت له خلافة الله في أرضه والسلطان فقد استراح ممن كان يقصده، فنحن بأي شىء نعود، فرفع الأمر إلى الخليفة، فأمر بأن يقطع عماد الدين زنكي صريفين «١» ودرب هارون، وجرى ملكا وهي من خاص الخليفة، وأن يزاد في ألقابه، وقال: هذه قاعدة لم يسمح بها لأحد من زعماء الأطراف أن يكون له نصيب من خاص الخليفة، وعاد وقد حصل على جملة صالحة من الأموال والتحف، وكان المقتفي من ذوي الهمم العالية والآراء السديدة، والسياسة الوازعة من رجال بني العباس الأفراد، مكث في الخلافة أربعا وعشرين سنة، بها سبع عشر سنة في مداراة الملوك السلجوقية وسبع سنين وشهورا، مستندا بنفسه مقارعا للسلاطين، قامعا لمردة أولئك الشياطين، مدوخا للبلاد، قامعا للخوارج عليه، وحضر مصافاة عدة، وثبت في حصار بغداد، وكان ذلك شهورا يجري في كل يوم منها مصافاة، وهو رابط الجأش ثابت الجنان، منشرح الصدر، منبسط الأمل، وكان في [ص ١٨٣] نفسه قساوة وغلظة، وأيد بوزيره عون الدين أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة، وزره رابع ربيع الأول سنة أربع وأربعين وخمس مائة، وهذا وزير لو كان كالوزراء لذكرته كأحدهم، ولكنه كان أجل، وفعله دليل عليه، وما ذكرته مع الوزراء في الإنصاف لا أسوة لهم للسميّة، ولكنه يعد من عظماء الخلفاء وكبراء الملوك، لعظيم ما فعل، وجليل ما صنع، وهو الوزير الذي أنطق الدولة العباسية

<<  <  ج: ص:  >  >>