للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخزندار، ثم إن عسكر حلب وحماة تقهقر من التتار، وجمعت العساكر [بمرج دمشق، ووصلت التتار إلى قارا فارتحلت العساكر] «١» إلى الجسورة واختبط الناس واختنق في باب دمشق غير واحد، وهرب الخلق، وبلغت القلوب الحناجر، ووصل السلطان إلى الغور، وامتلأت الطرقات والأزقة بأهل البرّ ومواشيهم، وغلقت الأبواب، واشتدّ الخطب، وضجّ الخلق إلى الله، وأيسوا من الحياة.

واستهل رمضان ليلة الجمعة. وتعلقت الآمال ببركة الشهر، وأصبح الناس وأخبار الجيوش معمّاة عليهم، ثم بعد الجمعة وصلت [التتار] «١» إلى المرج، وساروا إلى جهة الكسوة وبفذوا عن دمشق بكرة السبت، وغلب على الظنون أن اليوم تكون الوقعة، فابتهل الناس بالدعاء والاستعانة بالله في الأسواق والجامع، وطلعت النساء والأطفال إلى الأسطحة مكشفين الرءوس يجأرون إلى الله ويبكون ويسألون ويتذللون وهم صائمون، فثمة ساعة قبل الظهر لا يمكن أن يعبّر عنها وليس الخبر كالمعاينة، ثم بعدها حصل في النفوس سكينة وثقة بأن الله لا يردهم (٣٨٦) خائبين، ونزل في الحال مطر عظيم، ثم بعد الظهر وقعت البطاقة بوصول الركاب الشريف واجتماع الجيوش المحمدية بمرج الصّفّر، ثم وقعت بطاقة تتضمن طلب الدعاء وحفظ أسوار البلد، وبعد الظهر وقع المصاف والتحم الحرب فحملت التتار على الميمنة فكسرتها واستشهد مقدمها الحسام، وثبت السلطان كعوائده ومن العصر استمر القتال والنزال حتى دخل الليل وردّت التتار من حملتها على الميمنة بغلس، وقد كلّ جدهم (؟) فتعلقوا بالجبل المانع «٢» ، وطلع الضوء من بكرة الأحد والمسلمون يحدقون بالتتار فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>