للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس وراءه جسم، والوضع يقبل التنقص والاشتداد، فيقال: انصب, وأنكس. وأما الملك فإن تبدل الحال فيه تبدل أولا في الأين، فإذن الحركة فيه بالعرض. وأما أن يفعل، فتبدل الحال فيه بالقوة أو العزيمة أو الآلة، فكانت الحركة في قوة الفاعل أو عزيمته أو آلته أولا، وفي الفعل بالعرض. على أن الحركة إن كانت خروجا عن هيئة فهي عن هيئة قارة وليس شيء من الأفعال كذلك، فإذا لا حركة بالذات إلا في الكم، والكيف، والأين، والوضع، وهو كون الشيء بحيث لا يجوز أن يكون على ما هو عليه من أينه وكمه وكيفه ووضعه قبل ذلك ولا بعده.

والسكون: هو عدم هذه الصورة في ما من شأنه أن توجد فيه، وهذا العدم له معنى ما ويمكن أن يرسم، وفرق بين عدم القرنين في الإنسان وهو السلب المطلق عقدا وقولا, وبين عدم المشي له، فهو حالة مقابلة للمشي توجد عند ارتفاع علة المشي، وله وجود ما بنحو من الأنحاء وله علة بنحو، والمشي علة بالعرض لذلك العدم، فالعدم معلول بالعرض موجود بالعرض.

ثم اعلم أن كل حركة توجد في الجسم فإنما توجد لعلة محركة، إذ لو تحرك بذاته وبما هو جسم لكان كل جسم متحركا فيجب أن يكون المحرك معنى زائدا على هيولى الجسمية وصورتها. ولا يخلو إما أن يكون ذلك المعنى في الجسم، وإما أن لا يكون فإن كان المحرك مفارقا فلا بد لتحريكه من معنى في الجسم قابل لجهة التحريك والتغيير. ثم المتحرك لمعنى في ذاته يسمى متحركا بذاته، وذلك إما أن تكون العلة الموجودة فيه يصح عنها أن تحرك تارة ولا تحرك أخرى, فيسمى متحركا بالاختيار، وإما ألا يصح فيسمى متحركا بالطبع, والمتحرك بالطبع لا يجوز أن يتحرك وهو على حالته الطبيعية، لأن كل ما اقتضاه طبيعة الشيء لذاته ليس يمكن أن يفارقه إلا والطبيعة قد فسدت. وكل حركة تتعين في الجسم فإنها يمكن أن تفارق والطبيعة لم تبطل، لكن الطبيعة إنما تقتضي الحركة للعود إلى حالتها

<<  <  ج: ص:  >  >>