للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى الأولى قالوا: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ، أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ} ١ إلى أمثالها من الآيات، وعبروا عن ذلك في أشعارهم، فقال بعضهم:

حياة ثم موت ثم نشر ... حديث خرافة يا أم عمرو

ولبعضهم في مرثية أهل بدر من المشركين:

فماذا بالقليب قليب بدر ... من الشيزي تكلل بالسنام

يخبرنا الرسول بأن سنحيا ... وكيف حياة أصداء، وهام

ومن العرب من يعتقد التناسخ، فيقول: إذا مات الإنسان أو قتل اجتمع دم الدماغ وأجزاء بنيته، فانتصب طيرا هامة، فيرجع إلى رأس القبر كل مائة سنة, وعن هذا أنكر عليهم الرسول عليه السلام فقال: "لا هامة ولا عدوى، ولا صفر".

وأما على الشبهة الثانية فكان إنكارهم لبعث الرسول صلى الله عليه وسلم في الصورة البشرية أشد، وإصرارهم على ذلك أبلغ. وأخبر التنزيل عنهم بقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} ٢ {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} ٣ فمن كان يعترف بالملائكة كان يريد أن يأتي ملك من السماء: {وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} ٤ ومن كان لا يعترف بهم كان يقول: الشفيع والوسيلة لنا إلى الله تعالى هم الأصنام المنصوبة، إما الأمر والشريعة من الله تعالى إلينا فهو المنكر.

أصنام العرب وميولهم

فيعبدون الأصنام التي هي الوسائل: ودا، وسواعا، ويغوث، ويعوق، ونسرا، وكان ود لكلب وهو بدومة الجندل، وسواع لهذيل. وكانوا يحجون إليه وينحرون له، ويغوث لمذحج ولقبائل من اليمن، ويعوق لهمدان، ونسر لذي الكلاع بأرض حمير. وكانت اللات لثقيف بالطائف، والعزي لقريش وجميع بني كنانة وقوم من


١ الصافات آية ١٦، ١٧.
٢ الإسراء آية ٩٤.
٣ التغابن آية ٦.
٤ الفرقان آية ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>