للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد ثمانين يوماً من بعد إمكان الوطء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحدكم ليخلق في بطن أمه نطفة أربعين يوماً ثم يكون علقة أربعين يوماً ثم يكون مضغة أربعين يوما" ١. ولا تنقضي العدة بما دون المضغة فوجب أن يكون بعد الثمانين.

فصل: فإن كانت المعتدة غير حامل فإن كانت ممن تحيض اعتدت بثلاثة أقراء لقوله عز وجل: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] والأقراء هي الأطهار والدليل عليه قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] والمراد به في وقت عدتهن كما قال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} والمراد به في يوم القيامة والطلاق المأمور به في الطهر فدل على أنه وقت العدة وإن كان الطلاق في وقت الحيض كان أول الأقراء الطهر الذي بعده فإن كان في حال الطهر نظرت فإن بقيت في الطهر بعد الطلاق لحظة ثم حاضت احتسبت تلك اللحظة قرءاً لأن الطلاق إنما جعل في الطهر ولم يجعل في الحيض حتى لا يؤدي إلى الإضرار بها في تطويل العدة فلولم تحسب بقية الطهر قرءاً كان الطلاق في الطهر أضر بها من الطلاق في الحيض لأنه أطول للعدة فإن لم يبق بعد الطلاق جزء من الطهر بأن وافق آخر لفظ الطلاق آخر الطهر أو قال لها أنت طالق في آخر جزء من طهرك كان أول الأقراء الطهر الذي بعد الحيض وخرج أبو العباس وجهاً آخر أنه يجعل الزمان الذي صادفه الطلاق من الطهر قرءا وهذا لا يصح لأن العدد لا يكون إلا بعد وقوع الطلاق فلم يجز الاعتداد بما قبله وأما آخر العدة فقد روى المزني والربيع أنها إذا رأت الدم بعد الطهر الثالث انقضت العدة برؤية الدم وروى البويطي وحرملة أنها لا تنقضي حتى يمضي من الحيض يوم وليلة فمن أصحابنا من قال هما قولان: أحدهما: تنقضي العدة برؤية الدم لأن الظاهر أن ذلك حيض والثاني: لا تنقضي حتى يمضي يوم وليلة لجواز أن يكون دم فساد فلا يحكم بانقضاء العدة ومنهم من قال: هي على اختلاف حالين فالذي رواه المزني والربيع فيمن رأت الدم لعادتها فيعلم بالعادة أن ذلك حيض والذي رواه البويطي وحرملة فيمن رأت الدم لغير عادة لأنه لا يعلم أنه حيض قبل يوم وليلة وهل يكون ما رأته من الحيض من العدة ففيه قولان: أحدهما: أنه من العدة لأنه لا بد من اعتباره فعلى هذا إذا راجعها فيه صحت الرجعة وإن


١ رواه البخاري في كتاب بدء الخلق باب ٦. مسلم في كتاب القدر حديث ١. أبو داود في كتاب السنة باب ١٦. الترمذي في كتاب القدر باب ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>