للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل ما يخالف الكتاب والسنة فهو باطل]

ومن تدبّر هذا١، وغيره، تبيَّن له أنَّ جميع ما ابتدعه المتكلمون، وغيرهم؛ مما يخالف الكتاب والسنة، فإنّه باطل.

المبتدعون المخالفون للكتاب والسنة

ولا ريب أن المؤمن يعلم من حيث الجملة أنّ ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل. لكنْ كثيرٌ من الناس لا يعلم ذلك في المسائل المفصلة؛ لا يعرف ما الذي يوافق الكتاب والسنة، وما الذي يخالفه؛ كما قد أصاب [كثيراً] ٢ من النّاس في الكتب المصنفة في الكلام؛ في أصول الدين، وفي الرأي والتصوف، وغير ذلك؛ فكثيرٌ منهم قد اتّبع طائفة يظنّ أنّ ما يقولونه هو الحق، وكلّهم على خطأ وضلال.

خطبة الإمام أحمد

ولقد أحسن الإمام أحمد في قوله في خطبته، وإن كانت مأثورة عمن تقدم٣: "الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل


١ أي هذه الفروق بين آيات الأنبياء وغيرهم، والتي ذكرها آنفاً في الفصل السابق.
٢ في ((م)) ، و ((ط)) : كثير.
٣ أخرجه ابن عدي في الكامل ١١٥٣، والخطيب البغدادي في كتاب أصحاب الحديث ص ٢٨. وقال الهيثمي: يتقوى الحديث بتعدد طرقه، فيكون جسناً. انظر: إرشاد الساري ١٤.
وذكر ابن القيم لهذا الحديث عدة طرق، في مفتاح دار السعادة ١٢٠٦-٢٠٧.
وأورده التبريزي في مشكاة المصابيح رقم ٢٤٨، وفيه: عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين". رواه البيهقي.
وقد علق الشيخ الألباني على هذا الحديث بأنه مرسل؛ لأن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري هذا تابعي مقلّ كما قال الذهبي، وراويه عنه معاذ بن رفاعة ليس بعمدة. لكن الحديث قد روي موصولاً من طريق جماعة من الصحابة، وصحح بعض طرقه الحافظ العلائي في بغية الملتمس (٣-٤) . وروى الخطيب في شرف أصحاب الحديث (٢٣٥) عن مهنا بن يحيى قال: سألت أحمد يعني ابن حنبل عن حديث معاذ بن رفاعة عن إبراهيم هذا، فقلت لأحمد: كأنه كلام موضوع؟ فقال: لا، هو صحيح. فقلتُ له: ممن سمعته أنت؟ قال: من غير واحد. قلت: من هم؟ قال: حدثني به مسكين، إلا أنه يقول: معاذ، عن القاسم بن عبد الرحمن. قال أحمد: معاذ بن رفاعة لا بأس به ... انظر: مشكاة المصابيح ١٨٢-٨٣.
وقال الذهبي عن العذري في الميزان: "ما علمته واهياً، أرسل حديث: "يحمل هذا العلم من كلّ خلفٍ عدوله" ...

<<  <  ج: ص:  >  >>