للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الله يوم القيامة لا يدانيه مقام

فَلَا يُسَاوِيهِ بَلْ وَلَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ فِيهِ، ويحصل له من التشريفات ما يغبطهذا بها كل الخلائق من العالمين، من الأولين والآخرين، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ والمرسلين، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا وَرَدَ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ من الأحاديث والآثار، وأنه أول من يسجد بين يدي الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ فَيُشَفَّعُ، وَأَوَّلُ من يكسى بعد الخليل، يكسى الخليل ريطتين. بيضاوين، ويكسى محمد صلى الله عليه وسلم حُلَّتَيْنِ خَضْرَاوَيْنِ، وَيَجْلِسُ الْخَلِيلُ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فَيَقُولُ: "يَا رَبِّ إِنَّ هَذَا - وَيُشِيرُ إِلَى جِبْرِيلَ- أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ أَرْسَلْتَهُ إِلَيَّ، فيقول الله عز وجل صَدَقَ جِبْرِيلُ".

وَقَدْ رَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَأَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ: إِنَّهُ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ، وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن سلام، وجمع فيه أبو بكر المروزي جزءاً كبيراً، وحكاه هو وغيره وغير وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَخَلْقٍ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا شَيْءٌ لَا يُنْكِرُهُ مُثْبِتٌ وَلَا نَافٍ، وَقَدْ نظمه الحافظ أبو الحسن الدارقطني في صيدة لَهُ.

قُلْتُ: وَمِثْلُ هَذَا لَا يَنْبَغِي قَبُولُهُ إلا عن معصوم، ولم يثبت فيه حَدِيثٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَارُ بِسَبَبِهِ إِلَيْهِ، وقول مجاهد في هذا المقام ليس بحجة بمفرده، وَلَكِنْ قَدْ تَلَقَّاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ بالقبول، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنَا شريح

<<  <  ج: ص:  >  >>