للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب القصاص فيما دون النفس]

[مدخل]

...

[باب القصاص فيما دون النفس]

قال: "ومن قطع يد غيره عمدا من المفصل قطعت يده وإن كانت يده أكبر من اليد المقطوعة" لقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة:٤٥] وهو ينبئ عن المماثلة، فكل ما أمكن رعايتها فيه يجب فيه القصاص وما لا فلا، وقد أمكن في القطع من المفصل فاعتبر، ولا معتبر بكبر اليد وصغرها لأن منفعة اليد لا تختلف بذلك، وكذلك الرجل ومارن الأنف والأذن لإمكان رعاية المماثلة. قال: "ومن ضرب عين رجل فقلعها لا قصاص عليه" لامتناع المماثلة في القلع، وإن كانت قائمة فذهب ضوءها فعليه القصاص لإمكان المماثلة على ما قال في الكتاب: تحمى له المرآة ويجعل على وجهه قطن رطب وتقابل عينه بالمرآة فيذهب ضوءها، وهو مأثور عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.

قال: "وفي السن القصاص" لقوله تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة:٤٥] "وإن كان سن من يقتص منه أكبر من سن الآخر" لأن منفعة السن لا تتفاوت بالصغر والكبر.

قال: "وفي كل شجة تتحقق فيها المماثلة القصاص" لما تلونا.

قال: "ولا قصاص في عظم إلا في السن" وهذا اللفظ مروي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، وقال عليه الصلاة والسلام: "لا قصاص في العظم" والمراد غير السن، ولأن اعتبار المماثلة في غير السن متعذر لاحتمال الزيادة والنقصان، بخلاف السن لأنه يبرد بالمبرد، ولو قلع من أصله يقلع الثاني فيتماثلان.

قال: "وليس فيما دون النفس شبه عمد إنما هو عمد أو خطأ" لأن شبه العمد يعود إلى الآلة، والقتل هو الذي يختلف باختلافها دون ما دون النفس لأنه لا يختلف إتلافه باختلاف الآلة فلم يبق إلا العمد والخطأ. "ولا قصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس، ولا بين الحر والعبد، ولا بين العبدين" خلافا للشافعي في جميع ذلك إلا في الحر يقطع طرف العبد. ويعتبر الأطراف بالأنفس لكونها تابعة لها. ولنا أن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال فينعدم التماثل بالتفاوت في القيمة، وهو معلوم قطعا بتقويم الشرع فأمكن اعتباره

<<  <  ج: ص:  >  >>