للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب العتق في مرض الموت]

[مدخل]

...

[باب العتق في مرض الموت]

قال: "ومن أعتق في مرضه عبدا أو باع وحابى أو وهب فذلك كله جائز وهو معتبر من الثلث، ويضرب به مع أصحاب الوصايا". وفي بعض النسخ فهو وصية مكان قوله جائز، والمراد الاعتبار من الثلث والضرب مع أصحاب الوصايا لا حقيقة الوصية لأنها إيجاب بعد الموت وهذا منجز غير مضاف، واعتباره من الثلث لتعلق حق الورثة، وكذلك ما ابتدأ المريض إيجابه على نفسه كالضمان والكفالة في حكم الوصية لأنه يتهم فيه كما في الهبة، وكل ما أوجبه بعد الموت فهو من الثلث، وإن أوجبه في حال صحته اعتبارا بحالة الإضافة دون حالة العقد، وما نفذه من التصرف فالمعتبر فيه حالة العقد، فإن كان صحيحا فهو من جميع المال وإن كان مريضا فمن الثلث، وكل مرض صح منه فهو كحال الصحة لأن بالبرء تبين أنه لا حق في ماله.

قال: "وإن حابى ثم أعتق وضاق الثلث عنهما فالمحاباة أولى عند أبي حنيفة، وإن أعتق ثم حابى فهما سواء، وقالا: العتق أولى في المسألتين" والأصل فيه أن الوصايا إذا لم يكن فيها ما جاوز الثلث فكل من أصحابها يضرب بجميع وصيته في الثلث لا يقدم البعض على البعض إلا الموقع في المرض، والعتق المعلق بموت الموصي كالتدبير الصحيح والمحاباة في البيع إذا وقعت في المرض لأن الوصايا قد تساوت، والتساوي في سبب الاستحقاق يوجب التساوي في نفس الاستحقاق، وإنما قدم العتق الذي ذكرناه آنفا لأنه أقوى فإنه لا يلحقه الفسخ من جهة الموصي، وغيره يلحقه. وكذلك المحاباة لا يلحقها الفسخ من جهة الموصي، وإذا تقدم ذلك فما بقي من الثلث بعد ذلك يستوي فيه من سواهما من أهل الوصايا، ولا يقدم البعض على البعض. لهما في الخلافية أن العتق أقوى لأنه لا يلحقه الفسخ والمحاباة يلحقها، ولا معتبر بالتقديم الذكر لأنه لا يوجب التقدم في الثبوت. وله أن المحاباة أقوى، لأنها تثبت في ضمن عقد المعاوضة فكان تبرعا بمعناه لا بصيغته، والإعتاق تبرع صيغة ومعنى، فإذا وجدت المحاباة أولا دفع الأضعف، وإذا وجد العتق أولا وثبت وهو لا يحتمل الدفع كان من ضرورته المزاحمة، وعلى هذا قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا حابى ثم أعتق ثم حابى قسم الثلث بين المحاباتين نصفين لتساويهما، ثم ما أصاب المحاباة الأخيرة قسم بينها وبين العتق لأن العتق مقدم عليها فيستويان، ولو أعتق ثم حابى ثم أعتق قسم الثلث بين العتق الأول والمحاباة نصفين، وما أصاب العتق قسم بينه وبين العتق الثاني، وعندهما العتق أولى بكل حال.

قال: "ومن أوصى بأن يعتق عنه بهذه المائة عبد فهلك منها درهم لم يعتق عنه بما بقي

<<  <  ج: ص:  >  >>