للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب الوقف]

[شروط الوقف]

[مدخل]

...

[كتاب الوقف]

قال أبو حنيفة: "لا يزول ملك الواقف عن الوقف إلا أن يحكم به الحاكم أو يعلقه بموته فيقول إذا مت فقد وقفت داري على كذا". وقال أبو يوسف "يزول ملكه بمجرد القول. وقال محمد: لا يزول حتى يجعل للوقف وليا ويسلمه إليه".

قال رضي الله عنه: الوقف لغة. هو الحبس تقول وقفت الدابة وأوقفتها بمعنى. وهو في الشرع عند أبي حنيفة: حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة بمنزلة العارية. ثم قيل المنفعة معدومة فالتصدق بالمعدوم لا يصح، فلا يجوز الوقف أصلا عنده، وهو الملفوظ في الأصل. والأصح أنه جائز عنده إلا أنه غير لازم بمنزلة العارية، وعندهما حبس العين على حكم ملك الله تعالى فيزول ملك الواقف عنه إلى الله تعالى على وجه تعود منفعته إلى العباد فيلزم ولا يباع ولا يوهب ولا يورث. واللفظ ينتظمهما والترجيح بالدليل. لهما قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه حين أراد أن يتصدق بأرض له تدعى ثمغا: "تصدق بأصلها لا يباع ولا يورث ولا يوهب" ولأن الحاجة ماسة إلى أن يلزم الوقف منه ليصل ثوابه إليه على الدوام، وقد أمكن دفع حاجته بإسقاط الملك وجعله لله تعالى. إذ له نظير في الشرع وهو المسجد فيجعل كذلك. ولأبي حنيفة قوله عليه الصلاة والسلام: "لا حبس عن فرائض الله تعالى" وعن شريح: جاء محمد عليه الصلاة والسلام ببيع الحبيس لأن الملك باق فيه بدليل أنه يجوز الانتفاع به زراعة وسكنى وغير ذلك والملك فيه للواقف؛ ألا ترى أن له ولاية التصرف فيه بصرف غلاته إلى مصارفها ونصب القوام فيها إلا أنه يتصدق بمنافعه فصار شبيه العارية، ولأنه يحتاج إلى التصدق بالغلة دائما ولا تصدق عنه إلا بالبقاء على ملكه، ولأنه لا يمكن أن يزال ملكه، لا إلى مالك لأنه غير مشروع مع بقائه كالسائبة. بخلاف الإعتاق لأنه إتلاف، وبخلاف المسجد لأنه جعل خالصا لله تعالى ولهذا لا يجوز الانتفاع به، وهنا لم ينقطع حق العبد عنه فلم يصر خالصا لله تعالى.

قال رضي الله عنه: قال في الكتاب: لا يزول ملك الواقف إلا أن يحكم به الحاكم أو يعلقه بموته، وهذا في حكم الحاكم صحيح؛ لأنه قضاء في مجتهد فيه، أما في تعليقه

<<  <  ج: ص:  >  >>