للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب العارية]

[حكمها وصحتها]

...

[كتاب العارية]

قال: "العارية جائزة"؛ لأنها نوع إحسان "وقد استعار النبي عليه الصلاة والسلام دروعا من صفوان", "وهي تمليك المنافع بغير عوض" وكان الكرخي رحمه الله يقول: هو إباحة الانتفاع بملك الغير، لأنها تنعقد بلفظة الإباحة، ولا يشترط فيها ضرب المدة، ومع الجهالة لا يصح التمليك ولذلك يعمل فيها النهي، ولا يملك الإجارة من غيره، ونحن نقول: إنه ينبئ عن التمليك، فإن العارية من العرية وهي العطية ولهذا تنعقد بلفظ التمليك، والمنافع قابلة للملك كالأعيان.

والتمليك نوعان: بعوض، وبغير عوض. ثم الأعيان تقبل النوعين، فكذا المنافع، والجامع دفع الحاجة، ولفظة الإباحة استعيرت للتمليك، كما في الإجارة، فإنها تنعقد بلفظة الإباحة، وهي تمليك. والجهالة لا تفضي إلى المنازعة؛ لعدم اللزوم فلا تكون ضائرة. ولأن الملك يثبت بالقبض وهو الانتفاع. وعند ذلك لا جهالة، والنهي منع عن التحصيل فلا يتحصل المنافع على ملكه. ولا يملك الإجارة لدفع زيادة الضرر على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

قال: "وتصح بقوله أعرتك"؛ لأنه صريح فيه "وأطعمتك هذه الأرض"؛ لأنه مستعمل فيه "ومنحتك هذا الثوب وحملتك على هذه الدابة إذا لم يرد به الهبة"؛ لأنهما لتمليك العين، وعند عدم إرادته الهبة تحمل على تمليك المنافع تجوزا.

قال: "وأخدمتك هذا العبد"؛ لأنه أذن له في استخدامه "وداري لك سكنى"؛ لأن معناه سكناها لك "وداري لك عمرى سكنى"؛ لأنه جعل سكناها له مدة عمره. وجعل قوله سكنى تفسيرا لقوله لك؛ لأنه يحتمل تمليك المنافع فحمل عليه بدلالة آخره.

قال: "وللمعير أن يرجع في العارية متى شاء" لقوله عليه الصلاة والسلام: "المنحة مردودة والعارية مؤداة" ولأن المنافع تملك شيئا فشيئا على حسب حدوثها فالتمليك فيما لم يوجد لم يتصل به القبض فيصح الرجوع عنه.

قال: "والعارية أمانة إن هلكت من غير تعد لم يضمن" وقال الشافعي رحمه الله: يضمن

<<  <  ج: ص:  >  >>