للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب الشفعة]

[تعريف الشفعة وحكمها]

...

[كتاب الشفعة]

الشفعة: مشتقة من الشفع وهو الضم، سميت بها لما فيها من ضم المشتراة إلى عقار الشفيع.

قال: "الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع ثم للخليط في حق المبيع كالشرب والطريق ثم للجار" أفاد هذا اللفظ ثبوت حق الشفعة لكل واحد من هؤلاء وأفاد الترتيب، أما الثبوت فلقوله عليه الصلاة والسلام: "الشفعة لشريك لم يقاسم" ولقوله عليه الصلاة والسلام: "جار الدار أحق بالدار والأرض، ينتظر له وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا" ولقوله عليه الصلاة والسلام: "الجار أحق بسقبه، قيل يا رسول الله ما سقبه؟ قال شفعته" ويروى: "الجار أحق بشفعته". وقال الشافعي لا شفعة بالجوار لقوله عليه الصلاة والسلام: "الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطريق فلا شفعة" ولأن حق الشفعة معدول به عن سنن القياس لما فيه من تملك المال على الغير من غير رضاه، وقد ورد الشرع به فيما لم يقسم، وهذا ليس في معناه؛ لأن مؤنة القسمة تلزمه في الأصل دون الفرع، ولنا ما روينا، ولأن ملكه متصل بملك الدخيل اتصال تأبيد وقرار فيثبت له حق الشفعة عند وجود المعاوضة بالمال اعتبارا بمورد الشرع، وهذا لأن الاتصال على هذه الصفة إنما انتصب سببا فيه لدفع ضرر الجوار، إذ هو مادة المضار على ما عرف، وقطع هذه المادة بتملك الأصل أولى؛ لأن الضرر في حقه بإزعاجه عن خطة آبائه أقوى، وضرر القسمة مشروع لا يصلح علة لتحقيق ضرر غيره.

وأما الترتيب فلقوله عليه الصلاة والسلام: "الشريك أحق من الخليط، والخليط أحق من الشفيع" فالشريك في نفس المبيع والخليط في حقوق المبيع والشفيع هو الجار. ولأن الاتصال بالشركة في المبيع أقوى؛ لأنه في كل جزء، وبعده الاتصال في الحقوق؛ لأنه شركة في مرافق الملك، والترجيح يتحقق بقوة السبب، ولأن ضرر القسمة إن لم يصلح علة صلح مرجحا.

قال: "وليس للشريك في الطريق والشرب والجار شفعة مع الخليط في الرقبة" لما ذكرنا أنه مقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>