للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأول والثاني: "إن" و"أن": وهما لتوكيد النسبة، ونفي الشك عنها، والإنكار لها.

والثالث: "لكن": وهو للاستدراك١ والتوكيد، فالأول نحو: "زيد شجاع


إذا اسود جنح الليل فلتأتِ ولتكنْ ... خطاك خفافا إن حراسنا أسد
بنصب "حراسنا وأسد" معا.
غير أن الجمهور يمنعون ذلك، ويؤولون هذا الشاهد، وما شابهه بأن الجزء الثاني حال والخبر محذوف، والتقدير: إن حراسنا تلقاهم أسدا، ونحو ذلك.
انظر حاشية الصبان: ١/ ٢٦٩، ومغني اللبيب: ٥٥.
فائدة٢: لا تدخل الأحرف المشبهة على جملة يجب فيها حذف المبتدأ، ولا تدخل على مبتدأ، لا يخرج عن الابتدائية، نحو "ما" التعجبية، ولا تدخل على مبتدأ يجب له التصدير أي الوقوع في صدر الجملة كاسم الاستفهام، ويستثنى في هذه الحال، ضمير الشأن، فهو مما يجب تصديره وقد دخلت عليه "أن" في قول الأخطل.
إن من يدخل الكنيسة يوما ... يلق فيها جآذرا وظباء
فـ "إن" حرف مشبه بالفعل، واسمه ضمير الشأن المحذوف. و"من" اسم شرط في محل رفع مبتدأ. وجملة "الشرط والجواب" أو إحداهما: في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "المبتدأ والخبر": في محل رفع خبر "إن"، ومعلوم أنه لا يجوز إعراب "من" في محل نصب اسم "إن" لكون "من" اسم شرط يجب له التصدير. وانظر حاشية الصبان: ١/ ٢٦٩.
فائدة٣: لا تدخل هذه الأحرف على جملة يكون الخبر فيها طلبيا أو إنشائيا، وخرجوا قوله تعالى: {إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه} ، وقول الشاعر:
إن الذين قتلهم أمس سيدهم ... لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما
بأنها على تقدير قول محذوف، يقع خبرا لـ "إن" وتقع هذه الجمل الإنشائية معمولة له، فيكون الكلام من باب حذف العامل وإبقاء المعمول، والتقدير: إن الذين قتلتم سيدهم أمس مقول في شأنهم لا تحسبوا، أو إن الذين قتلتم سيدهم قد استعدوا لكم وأخذوا الأهبة لقتالكم فلا تحسبوا، وهكذا. واستثنى "أن" المفتوحة الهمزة، فيجوز وقوع خبرها جملة إنشائية، كما في قوله تعالى: {وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُم} . وقوله جل شأنه: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} على قراءة تخفيف النون بعدها جملة. وانظر حاشية الصبان: ١/ ٢٦٩.
١ الاستدراك. هو تعقيب الكلام بنفي يتوهم ثبوته أو إثبات ما يتوهم نفيه، وهذا يستلزم أن يسبقها كلام له صلة بمعموليها، وأن يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها في المعنى ومغايرا له، وتقع بعد النفي والإثبات، واستعمال "لكن" في الاستدراك، هو الغالب فيها، وقد تستعمل لتأكيد النسبة وتقويتها في ذهن السامع، إيجابية كانت أو سلبية.
التصريح: ١/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>