للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كانت غير نافية لم تعمل، وشذ إعمال الزائدة في قوله١: [البسيط]

١٥٤- لو لم تكن غَطَفَان لا ذنوب لها ... إذًا للام ذوو أحسابها عُمَرَا٢

ولو كانت لنفي الوحدة عملت عمل ليس٣، نحو: "لا رجل قائما، بل رجلان" وكذا إن أريد بها نفي الجنس لا على سبيل التنصيص٤، وإن دخل عليها


١ القائل: هو الفرزدق: همام بن غالب، وقد مرت ترجمته.
٢ تخريج الشاهد: البيت من قصيدة للفرزدق يهجو فيها عمر بن هبيرة الفزاري.
وهو من شواهد: التصريح: ١/ ٢٣٧، والأشموني: "٢٩٠/ ١/ ١٤٩"، وهمع الهوامع: ١/ ١٤٧، والدرر اللوامع: ١/ ١٢٧، والخصائص: ٢/ ٨٧، وخزانة الأدب: ٢/ ٧٨، وديوان الفرزدق: ٢٨٣.
المفردات الغريبة: غطفان. اسم قبيلة. لام "اللوم": العذل والتعنيف. أحسابها: جمع حسب، وهو ما يعده الإنسان من مفاخر أصوله.
المعنى: لو لم يكن لغطفان ذنوب وأعمال مخزية؛ للاموا عمر الفزاري على تعرضه لنا، ولكنهم يعلمون أنهم مذنبون، ولذلك امتنع لومهم.
الإعراب: لو: حرف شرط غير جازم. لم: نافية جازمة. تكن: فعل الشرط غير الجازم مجزوم بـ "لم". غطفان: اسم "تكن" الناقص. لا: زائدة. ذنوب: اسم "لا. "لها": متعلق بمحذوف خبر "لا". وجملة "لا ذنوب لها": في محل نصب خبر "تكن". إذا: حرف جواب واقع في جواب "لو". للام: اللام واقعة في جواب الشرط غير الجازم، تفيد التوكيد. لام: فعل ماضٍ. ذوو: فاعل لام مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. أحسابها: مضاف إليه، و"ها": مضاف إليه ثانٍ. عمرا: مفعول به، والألف: للإطلاق.
موطن الشاهد: "لا ذنوب لها".
وجه الاستشهاد: وقوع "لا" زائدة في البيت، وإعمالها عمل "إن"؛ ومعلوم أن "لا" الزائدة، تأتي في الكلام لمجرد تأكيد نفيه وتقويته؛ فحُكْمُ عملها عمل "إن" في البيت شاذ، ولا يقاس عليه؛ وأما وجوه زيادتها في الشاهد؛ فإن المقصود ثبوت الذنوب لـ "غطفان"؛ وهذا مستفاد من نفي النفي المعلوم من "لو"؛ التي تدل على امتناع شرطها، ومن "لم" التي أعقبتها؛ ونفي النفي إثبات؛ ولهذا فـ "لا" لم تفد شيئا؛ ولذا، حكم بزيادتها. وانظر شرح التصريح: "١/ ٢٣٧، وحاشية الصبان: ٤/ ٢.
٣ أو أهملت وتكررت؛ واختيار الإهمال أو الإعمال -عمل ليس- خاضع لما يقتضيه المعنى المراد.
٤ بل في الظاهر فقط؛ لعموم النكرة في سياق النفي؛ ومثال ذلك، أن "لا" إذا كان اسمها مفردا؛ نحو: لا رجل في الدار؛ فإن أريد نفي الخبر عن فرد واحد، وعن الجنس في الظاهر؛ كانت "لا" عاملة عمل "ليس"؛ ويصح -على هذا- أن يقال بعدها: بل رجلان؛ وإن أريد نفي الجنس حقيقة، وتأكيد النص عليه؛ كانت عاملة عمل "إن" -وعلى هذا- فلا يصح أن يقال بعد شيء؛ وإذا كان الاسم بعدها مثنى أو مجموعا؛ فلا يختلف المراد من النفي؛ فيحتمل نفي الخبر عن المثنى والجمع فقط، أو نفيه عن كل فرد من أفراد الجنس؛ والفرق بينهما يكون على حسب المراد؛ وأما الفرق الصحيح الواضح بين المراد من النفي في قسمي "لا" فيظهر إذا كان الاسم مفردا. شرح التصريح: ١/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>