للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومالك، وعند أحمد روايتان ورجح أبو البركات مجد الدين بن تيمية في المنتفي ص (٥١) رواية عدم الجواز، وفي تمهيد أبي عمر أن عدم الجواز مذهب جمهور العلماء والفقهاء.

قوله: (يصلي المغرب إلخ) قال البيهقي في معرفة السنن والآثار: إن لفظ المغرب معلول لتصريح العشاء في سائر الروايات، وعبارة البيهقي تشير إلى الاتفاق على الإعلال، وتأول البعض في لفظ المغرب.

تمسك الشافعية بحديث الباب على جواز الاقتداء المذكور، وقالوا: إن معاذاً كان يصلي الفريضة خلفه عليه الصلاة والسلام ويتطوع أي يعيد في بني سلمة وكانت تقع نافلة، وأجاب الطحاوي عن هذا بثلاثة أوجه؛

أحدها: أنا لا نسلم أن معاذاً كان يصلي الفريضة خلفه عليه الصلاة والسلام والإعادة في بني سلمة فإنا نقول بعكسه أي كان يصلي خلفه عليه الصلاة والسلام صلاة العشاء أي صلاته عليه الصلاة والسلام ولكنه ما كان يريد به إسقاط ما في الذمة والفريضة، بل كان يريد إسقاط ما في الذمة في بني سلمة في صورة من يريد أداء صلاة الإمام خلفه، وما أراد فيها إسقاط الفريضة تكون صلاته نافلة في المآل، وأنا عبرت بهذا التعبير كيلا يخالفنا لفظ الراوي، وأما المشهور على الألسنة من قول: إن معاذاً كان يتطوع خلفه عليه الصلاة والسلام من أول الأمر فيخالفه لفظ الراوي ولا يقبله عاقل، ولهذا عدلت من التعبير المشهور إلى تعبير الطحاوي، ولله در القائل: والحق قد يعتريه سوء تعبير.

فالحاصل أنا قلنا بعكس ما قالوا، وأيضاً نقول: إن الناقل هو جابر بن عبد الله، ولم يطلع على ما نوى معاذ، وما أفصح معاذ بنيته.

والوجه الثاني: أن تمسككم إنما يصح لو كان فعل معاذ بلغ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقرره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونقول: إنه عليه الصلاة والسلام لما بلغه فعل معاذٍ أنكره كما في معاني الآثار ص (٢٣٨) أن سليماً شكا إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تطويل قراءة معاذ، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفتان أنت يا معاذ إما أن تصلي معي وأما أن تخفف على قومك» إلخ، ورجال الحديث ثقات، أخرجه أحمد في مسنده مرسلاً بسند قوي سنداً ومتناً، ومر الحافظ على هذا الحديث وأجاب عنه بتقدير العبارة بأن المراد إما أن تصلي معي فقط وإما أن تخفف على قومك إلخ، ونقول: إن التقدير خلاف الأصل، وأقول: إن قوله عليه الصلاة والسلام: «إما أن تصلي معي» يدل على أن معاذاً لم يكن يصلي خلفه عليه الصلاة والسلام الصلاة المعهودة أي بالنية بإسقاط ما في الذمة، ثم رأيت في عبارة أبي البركات مجد الدين بن تيمية قريب ما قلت هذا.

والوجه الثالث للجواب: أن فعل معاذ هذا إنما هو قبل نسخ تكرار الصلاة في وقت واحد، وليعلم أن نسخ التكرار يستثنى منه ثلاث صور لأحاديث أخر:

إحداها: من صلى منفرداً ثم وجد الجماعة فأراد إحراز ثواب الجماعة لنفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>