للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمره برجوعه وفي المسلم تصريح أنها عدت عليه تطليقة واحدة وأغمض عنه ابن تيمية وكذلك يرد على الحافظ ابن تيمية ما في مسلم ص (٤٧٧) عن أبي الصهباء قال: قال ابن عباس: كان الطلاق على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، قال: فقال عمر بن الخطاب رحمه الله: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلم لو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم إلخ، ومذهب أبي حينفة وأحمد أن جمع ثلاث طلقات في وقت واحد بدعة، وقال الشافعي: إن البدعة جمعها في الحيض ولا بدعة في الطهر، ولنا ما في القرآن: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] أي مرة بعد مرة لا جمعهما، وجمهور السلف أيضاً معنا أي مع أبي حنيفة وأحمد بن حنبل، ومع كون الطلاق ثلاثاً في الطمث بدعة تقع الثلاث عند الأربعة والبخاري، وخالف داود الظاهري، وقال: إن الثلاث تقع واحدة فورد على مختار ابن تيمية حديث المسلم هذا وحديث ابن عمر السابق، فترك ابن تيمية في الطلاق ثلاثاً مذهب إمامه أحمد، واختار مذهب داود، وقال الجمهور في حديث المسلم: إنه ليس المراد أن في عهده كانت ثلاث طلقات ملفوظات تعد واحدة بل المراد أنهم كانوا يكتفون على التطليقة الواحدة منزلة ثلاث طلقات، وكانوا لا يطلقون طلاق البدعة ثم أخذوا في عهد عمر في طلاق البدعة فأمضاها عمر، وشرح الجمهور الحديث لطيف بلا ريب، وقال ابن تيمية: إن شرح الجمهور تأويل، وقال ابن قيم: لما بلغ التأويل إلى هذه المرتبة فصار تحريفاً ولم تبق تأويلاً، أقول: إن في القرآن نظير حديث مسلم في المحاورة: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} [ص: ٥] إلخ وليس المراد ثمة دمج الآلهة في إله واحد، بل الاكتفاء على إله واحد بدل آلهة، وله نظير من الحديث كما سيأتي في الترمذي: (ومن جعل همومه كلها هماً واحداً هم آخرته كفاه الله هم الدنيا) إلخ

فليس المراد دمج الهموم في هم واحدٍ بل أخذُ همٍّ واحد بدل الهموم كلها والاكتفاء على هم واحد، فالحاصل أن الفاروق أجرى الحكم على ثلاث طلْقَات منهيَّة عنها، وقال ابن تيمية: إن حكمه هذا إنما هو تعزيز، أقول: لم أجد مثال هذا التعزير الذي يغلظ إيضاع الناس عليهم، ويرد على ابن تيمية ما في الترمذي عن عمران بن حصين: «لا نذر في معصية، وكفارته كفارة اليمين» إلخ، فنهى الشارع عن نذر معصية ثم حكم بكفارته وبنى عليه الأحكام وتكلموا في سنده منهم النسائي، أقول: قد أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار بسند قوي ونقله علاء الدين المارديني، والمسألة عندنا أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>