للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو حنيفة: يحكم بالنجاسة إلى حد يظن خلوص النجاسة إليه، ثم مالك اعتبر الحس، وأبو حنيفة اعتبر العلم، والظاهر أن في أكثر الأنجاس عبرة العلم، وأما ما في كتبنا من العشر في العشر فعين توقيت وهو ليس بمروي عن أئمتنا الثلاثة، وقال الشيخ في الفتح: إن محمداً ليس بمؤقت، ولو سُلِّم فرجع عنه، وحكى أن محمداً سئل عن الماء الكثير فقال: نحو مسجدي هذا، فقدره تلامذته فوجدوه ثمانية في ثمانية من داخله، وعشراً في عشر من خارجه، وفي الفتح عن محمد: لا أوقت فيه، ونقل صاحب البحر عبارات أركان المذاهب على أن العشر في العشر ليس عن الأئمة، وأما ما في القدوري من تحرك الطرف بتحريك طرف آخر فهو علامة العلم بالخلوص، وأول من قال في العشر أبو سليمان الجوجزاني كما في الفتاوى الهندية.

قوله: (يلقي فيها الحيض) ليس المراد الإلقاء بأنفسهم بل كانوا لا يحرسون البير وعبره الراوي بالإلقاء، أي لا يعلم الملقى ولا وقوعها عند استعمالهم، بل المراد أنه قد يتفق ذلك.

قوله: (طهور لا ينجسه) استدل الموالك بظاهر حديث الباب، وقيل لهم: ليس ها هنا ذكر التغيير وعدمه، قالوا: إنه مستثنى للإجماع على النجاسة بالتغيير، وأجاب المتأولون منا ـ منهم ابن الهمام بأن لام الطهور لام العهد، أقول: إن القول بأنه لام العهد تأبى عنه المقدمة الممهدة من أن الماء طهور لا ينجسه شيء الأصل لام الجنس، وقال الطحاوي بالتصرف والتأول في الخبر «الماء طهور لا ينجسه شيء» كما زعمتم وأغير في التعبير شيئاً مع إبقاء المراد أي الماء طهور لا يبقى نجساً أبداً بحيث لا يكون لطهارته سبيل، فإن هذا التعبير أقرب إلى لفظ الحديث عربية، وادعى الطحاوي أن الإنجاس كانت تخرج، وقال: إن بير بضاعة كانت جارية وأن الآبار كانت جارية، ولم يدرك مراد جريانه بعضهم، فإن مراده بالجريان إخراج الماء لا أن الماء يخرج بنفسه، واحتج بما روي عن الواقدي، وقيل: إن الواقدي كذاب، وأنه ضعيف عند الكل، وفي ابتداء عيون الأثر لأبي الفتح بن سيد الناس اليعمري: إنه قوي والظاهر، أنه ليس بكذاب، نعم يأتي بالرطب واليابس في تصانيفه، وأنا احتج على الجريان المذكور بما في البخاري ص (٩٢٣) وص (١٢٨) أن بير بضاعة ويسقى منها لما في البساتين، ثم أتى الطحاوي بالنظائر على ما حرر بأنه عليه الصلاة والسلام قال لأبي هريرة: «إن المسلم لا ينجس ـ أي كما زعمتم ـ وبأن الأرض لا ينجس» مرفوعاً، وأتى بنظائر غير ما في الطحاوي مثل ما في البخاري؛ وقال الأصحاب رضوان الله عليهم أجمعين: يا رسول الله يأتينا الأعراب بلحوم لا نعلم هل سموا عليها أم لا؟ فقال سموا عليها وكلوها ولا يقول أحد بحله لو لم يسموا عند الذبح. وكذلك ما في الترمذي ص٢٠ عن أم سلمة «يطهره ما بعده» وكذلك روى في سنن ابن ماجه، وشرح الشافعي حديث أم سلمة في كتاب الأم مثل ما شرحت، وأنه إلزام المخاطب بما لا

<<  <  ج: ص:  >  >>