للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حسب الاتفاق ولا تسبيب بينها فإحراق النار ليس بالتسبيب بل بالعادة وخلق الباري، وإن الإحراق مستند إلى الباري بلا واسطة وهكذا في كل شيء، وقال المعتزلة: إن إحراق النار بالتوليد، وقال الفلاسفة: إنه بالإعداد والإيجاب، فجعلوا الباري علة ومجبوراً محضاً، وهل هذا إلا كفر صريح؟ وقال الماتريدية: وهذا أرجح أن التسبيب بين الأشياء ثابت إلا أنها بخلق الباري لا بالتوليد أو الإعداد، وإن في الأشياء خواص بإذن الله، وقال الحافظ في شرح النخبة: إن الحديث ينفي السببية والعادية والطبعية، وأما ما في مسلم: «فرّ من المجذوم» فمحمول على سد الذرائع، أقول: كيف ينكر الحافظ السببية العادية والحال أنها لا ينكرها الأشعري أيضاً، فقول الحافظ لا مصداق له، فأقول: إن أحسن ما قيل في شرح حديث الباب ما ذكره ابن قيم في كتاب الروح ص (١٩٧) أن المنفي في حديث الباب العدوى وهو ما يكون بناؤه على الأوهام الباطلة مثل أن يقولوا: إن مرض فلان تَطَيَّرَ وانتشر إلى فلان، وأما الحديث الذي أخرجه مسلم ففيه إثبات التسبيب وهو أن يكون فيه دخل الأسباب الظاهرة مثل إن جلس وخالط المجذوم أو المجروب، وذكر الأطباء بعض الأمراض متعدية لا ينافي الشريعة، وأما المرض الموروث فغير المتعدي، فالحاصل أن الشريعة تنفي الأوهام الباطلة لا المجربات، وما فيه دخل الأسباب الظاهرة لتمادي الزمان والخلط مع المريض.

قوله: (الأنواء إلخ) يقال له في الهندية: (ن هتر) وهي منازل القمر وغيره من الكواكب، وكان أهل الجاهلية يزعمون أن مدار الأحكام الدنيوية على دوران الكواكب في تلك المنازل.

<<  <  ج: ص:  >  >>