للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلما يفيد تعريف أحد الطرفين القصر بلا معين أيضاً، كما في قصيدة بانت سعاد:

ذو إبل مسهن الأرض تحليل

أي تحلة قسم، ففي: (مسهن الأرض تحليل) قصر بلا معين، وقد لا يكون القصر مع تعريف الطرفين أيضاً، كما في: الكرم الخلق الحسن، ولذا قال مولانا مد ظله العالي: إن الضوابط عصا الأعمى. وقال الزمخشري في الفائق في حديث: (إن الله هو الدهر) : إن فيه قصر المُسنَد إليه على المُسنَد، والمعنى: إن الله هو جالب الحوادث لا غير الجالب، وقال العلامة: فيه قصر المسند على المسند إليه، وردَّ على الزمخشري، أقول: إن ردَّه ليس بذلك، لأن تعريف الطرفين يصلح لقصر المسند إليه على المسند ويصلح للعكس.

ثم اعلم أن اللام عند أهل المعاني قسمين: لام العهد الخارجي، ولام الحقيقة، والأول على ثلاثة أقسام:

أحدها: ما يكون المعهود مذكوراً سابقاً، ويسمى بالعهد الذكري.

والثاني: ما يكون حاضراً، ويسمى بالعهد الحضوري.

والثالث: ما يكون معلوماً بين المتكلم والمخاطب، ويسمى بالعهد العلمي.

ومثال العهد الحضوري: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] (الخ) .

والثاني: أيضاً على ثلاثة أقسام، لأنه إما أن يكون المراد من مدخوله نفس الحقيقة من حيث هي هي، ويسمى لام الجنس، أو من حيث وجودُها في حصة منتشرة، ويسمى لام العهد الذهني، أو من حيث وجودُها في ضمن جميع الأفراد التي يتناولها اللغة، فيسمى لام الاستغراق.

وأما عند النحاة فالقسم الثالث للعهد الخارجي عهد ذهني عندهم، ولام العهد الذهني، لأهل المعاني لام الجنس عند النحاة، والمختار عندي هو قول النحاة.

وبالجملة الحديث مشتمل على القصر، فقالت الشافعية وتبعهم بفرضية صيغة السلام، وصيغة (الله أكبر) ، وقالوا: الحديث دال على عدم صحة الصلاة وعدم وجودها بدون السلام عليكم ورحمة الله وبدون الله أكبر، ويقول الأحناف بعدم فرضيتهما، ومدار الخلاف على أن المتكلم إذا تكلم ففي كلامه مفهوم ومنطوق، ثم المفهوم المخالف غير معتبر عندنا، ومعتبر عند الشافعية حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>