للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطحاوي أن الفضل في ثلاثة مساجد فضل الصلاة المكتوبة، لأن التطوع مستحبة في البيت لما في أذان الهداية، وفي ابن ماجه رواية: «إن الصلاة في مسجدي كخمسين ألف صلاة» فخالفه ما في حديث الباب فيراجع لفظه فإنه فيما إذا سافر لذلك، ومن المعلوم أن متفردات ابن ماجه قلما تصح، فالله أعلم.

قوله: (لا تشدوا الرحال الخ) اختار ابن تيمية أن السفر لزيارة قبر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المبارك غير جائز بل يريد السفر إلى المسجد النبوي ثم إذا بلغ المدينة يستحب له زيارة القبر المبارك، وقال باستحباب زيارة القبور الملحقة للمكان لثبوت زيارة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جنة البقيع وغيرها، ولقد أخطأ الناقلون في نقل مذهب ابن تيمية كما قال ابن عابدين: إن تيمية يمنع من الارتحال وشد الرحال إلى زيارة القبر الشريف ويجوز السفر المحض للزيارة، ووافق ابن تيمية في هذه المسألة أربعة من المتقدمين ومنهم الجويني والد إمام الحرمين، وابتلي ابن تيمية بالبلايا والشدائد حين اختيار هذه المسألة، وصنف تقي الدين السبكي رسالة في رد ابن تيمية وسماها شفاء السقام في زيارة خير الأنام وما وجدت فيها شيئاً جديداً وطريّاً وتصدى إلى تقوية الضعاف، ثم صنف ابن عبد الهادي في الرد على السبكي وسماه الصارم المنكي على نحر السبكي وقد أجاد في تصنيفه ثم رد ابن علاّن على ابن عبد الهادي وسماه المبرد المبكي على الصارم المنكي، وتطرق التصنيف من الطرفين، ومذهب جمهور الأئمة أن زيارة القبر الشريف جائزة ومن أعلى القربات وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة مختلفة، وأحسنها ما ذكر الحافظان في شرح البخاري، وأتيا بالرواية أخرجها أحمد في مسنده: «لا تشدُّ الرِّحال إلى مسجد ليصلى فيه إلا إلى ثلاثة مساجد» ، وأما دليل الجمهور في المسألة فهو ثبوت سفر السلف الصالحين إلى الروضة المنيفة تواتراً

، وإما أجاب عنه ابن تيمية وتبعه بالجواب الشافي، وأما قول: إنهم أرادوا السفر إلى المسجد النبوي وما أرادوا السفر لزيارة الروضة المطهرة فقول مصنوع، فإنه لو كان الغرض السفر لإرادة المسجد النبوي لارتحلوا إلى المسجد الأقصى أيضاً كارتحالهم إلى المسجد النبوي، فالحاصل أنه لم يأت على الجواب الشافي.

<<  <  ج: ص:  >  >>