للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (لا يجلس في شيء منهن إلا في آخرهن) تمشى الشافعية في مثل حديث الباب على ظاهرها أي أنه صلى خمساً أو سبعاً أو تسعاً بقعدة واحدة، وعلينا جوابه، وأشكل من حديث الباب ما في مسلم ص (٧٥٤) عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام أنه أتى عائشة فقال: أنبئيني عن خلق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلخ، وفيه: فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: ألست تقرء: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: ١] فقلت: بلى، إلخ، قال: قلت يا أم المؤمنين: أنبئيني عن وتر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: كنا نعد له مسواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيسوّك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه. إلخ، فظاهر الحديث يدل على أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يسلم على الركعتين ولا على الأربع ولا على الست ولا على الثمان بل على التسع فقط، وما أجاب الأحناف عن الحديث إلا العيني، وذكر صورة الجواب ولم يذكر مأخذه، وقال: إن عائشة ضمت صلاة الليل بالوتر في الذكر وإنما ست ركعات منها تهجد وثلاث ركعات وتر والمذكور في حال القعدة حال الوتر ولم تذكر حال صلاة الليل في القعدة، والجواب صحيح، وأشار الطحاوي إلى الجواب ومأخذه، وأقول: إن مأخذ الجواب أن حديث الباب أخرجه النسائي سنداً ومتناً ص (٢٧٩) : «كان لا يسلم في ركعتي الوتر» باب كيف الوتر بثلاث؟ فعلم أن المذكور من الحال هو حال الوتر، وإسناد الحديث غاية القوة، فيضم هذا في رواية مسلم، ورواية النسائي أخرجها محمد بن نصر في قيام الليل وتأول فيه، وقال: إنه مختصر من المطول وليس السلام على الركعتين والأربع والست والثمان

بل على التاسع فقط، وأقول: أن تأويله ركيك غاية الركة فإن ألفاظ الحديث ترده، وألفاظ الحديث أربعة منها ما في النسائي من ص (٢٧٩) ، والطحاوي كان لا يسلم في ركعتي الوتر، ومنها ما في مستدرك الحاكم وما في البيهقي وكان لا يسلم في الركعتين الأوليين من الوتر، فعلم نصاً أن المذكور حال الوتر فقط، ومنها ما عند الحاكم أيضاً: «كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن» والمراد من القعدة قعدة الفراغ، ومنها ما أخرج الزيلعي وذكر، وروى الحاكم في مستدركه وهذا لفظه: «وكان يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن» ثم بعد ذكر كلام الحاكم قال انتهى كلامه، وأما أنا فوجدت ثلاث نسخ للمستدرك وما وجدت فيها ما أخرج الزيلعي بلفظ: «لا يسلم» وإنما وجدت فيها: وكان لا يقعد» وظني الغالب أن لفظ «لا يسلم» لا بد من أن يكون في مستدرك الحاكم، فإن الزيلعي متثبت في النقل مثل ما ليس الحافظ متثبتاً ومن عادته أنه إذا نقل عبارة أحد بواسطة يذكر الواسطة وإلا فينظر المنقول عنه بعينه ويذكر لفظ المنقول عنه بعينه، وهاهنا غير هذا لفظه فلا بد من كون اللفظ «لا يسلم» في مستدركه، وأما الحافظ ابن حجر فأخذ في فتح الباري «ولا يقعد إلا في آخرهن» ونقل في الدراية على نصب الراية «ولا يسلم إلا في آخرهن» ولفظ خامس

<<  <  ج: ص:  >  >>