للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصبر ثلاثة أنواع: صبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، وصبر على البلاء، وذلك هو الحياة كلها، لذلك كان الصبر نصف الإيمان؛ لأنه ما من مقام من مقامات الإيمان إلا ويلازمه الصبر.

فالمؤمن يحتاج إلى الصبر على الطاعة لأن النفس بطبعها تنفر من العبودية، وهي شاقة على النفس مطلقاً، ثم من العبادات ما يكره بسبب الكسل، كالصلاة، ومنها ما يكره بسبب البخل كالزكاة، ومنها ما يكره بسببهما جميعاً كالحج والجهاد، فالصبر على الطاعة صبر على الشدائد.

ومن أنواع الصبر الصبر عن المعاصي وهي مقتضى باعث الهوى، وما أحوج العبد إلى الصبر عنها. وقد جمع الله أنواع المعاصي في قوله تعالى: (وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي (] النحل ٩٠ [. وأشد أنواع الصبر: الصبر عن المعاصي التي أصبحت مألوفة بالعادة.

وأما النوع الثالث من أنواع الصبر فهو الصبر على المصائب والأقدار، مثل موت الأعزة، وهلاك الأموال، وزوال الصحة بالمرض. فالصبر على ذلك من أعلى مقامات الصبر.

والمؤمن بحاجة إلى الصبر أمام مواجهة المصائب التي تجري عليه بأن يعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم ويحبس نفسه عن الجزع والتسخط؛ لأن الصبر على المصائب ثمرة من ثمار الإيمان بالقدر الذي هو أحد أركان الإيمان الستة.

والصبر من الأمور المشكورة، والأفعال الحميدة، والمؤمن حين يتقي ويصبر ويغفر ويشكر، يوفى أجره بغير حساب، ويكتب له النجاح والفلاح والظفر، في شؤون حياته كلها، وذلك هو الخير كله.

قال الله تعالى: (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور (] الشورى ٤٣ [.

وقال تعالى: (وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور (] آل عمران ١٨٦ [.

وقال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (] الزمر ١٠ [.

<<  <  ج: ص:  >  >>