للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ منهج نبي الله هود لا يختلف عن منهج أخيه نوح عليهما وعلى نبينا الصلاة والتسليم، لأنّ جميع الرسل متّفقون في المبدأ على الدعوة إلى توحيد الله تعالى، فذلك هو المنهج الأساسي للرسل في دعوتهم الأمم، وقد أخذ نبي الله هو بحظه من ذلك المنهج فدعا قومه إلى توحيد الله وحده ونبذ عبادة الأصنام، وكان (ينذرهم بأس الله ويضرب لهم المثل بقوم نوح، ويذكرهم بنعم الله تعالى عليهم حيث زادهم في الخلق بسطة وجعلهم خلفاء في الأرض من بعد قوم نوح، وبوأهم أرضًا مثمرة تدر عليهم الخير الكثير تنبت لهم الزرع الَّذي يعيشون به والكلأ الَّذي تعيش به دوابهم، وكان يخبرهم أن الواجب عليهم أن يستعملوا هذه القوّة الَّتي أعطاهم الله ولم يعطها لأحد سواهم في طاعة الله، وأن يستعملوا عقولهم ويفكّروا بها ليتبيّنوا بها أنّ ما يعبدونه من دون الله لا يضرّهم ولا ينفعهم، وأن الَّذي ينفع ويضر هو الله وحده الَّذي خلقهم وأعطاهم القوّة الَّتي يفتخرون بها، وهو الَّذي بيده إحياؤهم وإماتتهم، وأنهم إذا تابوا إليه مما سلف من الكفر تاب الله عليهم وأغدق عليهم نعمه بإنزال المطر وإمدادهم بقوة إلى قوّتهم وبزيادتهم عزًا إلى عزّهم، كما كان يخبرهم أَنَّه لا يطلب منهم أجرًا مقابل التبليغ، وإِنّما يطلب أجر ذلك من ربّه - سبحانه وتعالى -، فهو لا يطلب منهم مالاً ولا زعامة يتزعمها، ولكنهم سفهوه وكذّبوه وتجاهلوا الحجج الَّتي جاء بها من ربّه والبراهين القاطعة الَّتي أقامها على صدقه فقالوا: (قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيءَالِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ((١) (٢) ، وقد بيّن الله هذا المنهج متكاملاً في سورة الأعراف فقال: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا


(١) الآية ٥٣ من سورة هود.
(٢) طالع قصص الأنبياء لعبد الوهاب النجار: ٥١ ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>