للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعرض السهيلي للنداء، مبينا السر في التعبير بلفظ (يا بني إسرائيل) في بعض المواضع من القرآن، وما في هذا التعبير من قيمة تربوية راشدة، تبعث على الإيمان، وتدعو إلى الهدى، وتركه في مواضع أخرى، حيث يقتضي الحال استعمال صيغة أخرى تظهر كرم المنعم وفضله، موضحا السبب في إيثار صيغة ما في موضع، وتركها في آخر، من بلاغة قرآنية تدل على إعجاز الكتاب الحكيم، فقال: " (بنو إسرائيل) : إسرائيل هم بنو يعقوب، وكان يسمى إسرائيل: أي سري الله، لكن لم يذكروا في القراءة إلا إذا أضيفوا إلى إسرائيل، ولم يسموا فيه: بنو يعقوب، ومتى ذكر إبراهيم وإسحاق ويعقوب لم يسم إسرائيل، وذلك لحكمة فرقانية، وهو أن القوم لما خوطبوا بعبادة الله، وذكروا بدين أسلافهم موعظة لهم، وتنبيها من غفلتهم، سموا بالاسم الذي فيه تذكرة بالله، فإن إسرائيل اسم مضاف إلى الله تعالى في التأويل، ألا ترى كيف نبه على هذا المعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا إلى الإسلام قوما يقال لهم بنو عبد الله، فقال لهم: (يا بني عبد الله، إن الله قد أحسن اسم أبيكم) (١) ، يحرضهم بذلك على ما يقتضيه اسمهم من العبودية لله، فكذلك قوله يا بني إسرائيل، إنما ورد في معرض التذكرة لهم بدين أبيهم، وعبوديته لله، فكان ذكرهم بهذا الاسم أليق بمقام التذكرة والتحريض من أن يقول لهم: يا بني يعقوب، ولما ذكر موهبته لإبراهيم وتبشيره بإسحاق، ثم يعقوب، كان لفظ يعقوب أولى بذلك المقام، لأنها موهبة بعقب أخرى، وبشرى عقب بها بشرى، وإن كان اسم يعقوب عبرانيا، ولكن لفظه موافق للعربي في العقب والتعقيب، فانظر مشاكلة الاسمين للمقامين، فإنه من باب النظر في إعجاز القرآن، وبلاغة ألفاظه، وتنزيل الكلام في منازله اللائقة به" (٢)

ثالثا: وضع المثنى مكان المفرد


(١) م أجده.
(٢) لروض الأنف، (٢/٢٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>