للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الله تعالى خلق الخلق لحكمة عظيمة وغاية نبيلة ألا وهي عبادته سبحانه وتعالى، واقتضت حكمته أن بعث رسلا مبشرين ومنذرين، ليبينوا للناس حقيقة عبادة الله ليعبدوه على بصيرة وفق ما يشرع لهم، وامتحن الله الرسل بالأمم والأمم بالرسل، ليرسموا بذلك منهج الدعوة وسبيلها الصحيح الذي رسمه الله لهم بقوله: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ((يوسف ١٠٨) على حجة واضحة يتميز بها الحق من الباطل، وبرهان صحيح يقنع الخصم ويهدي إلى سواء السبيل.

ولابد لأصحاب الدعوة إلى الله من هذا التميز ولابد لهم من هذا الاقتداء: (أنا ومن اتبعني... ((١) فكل من سار من بعدهم على هذا المنهج القويم فهو على منهج الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهو ممن عناهم الله بقوله: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا... ((فصلت ٣٣) .

فما دام أنها دعوة إلى الله تعالى فلابد لها من خصائص مميزة وركائز ثابتة وقواعد راسخة حتى تسلم من الفشل، ويسلم الداعية من الزلل والميل عن الجادة الصحيحة.

وإذا نظرنا إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة رسوله (وسيرته فنَجِدُ أن الدعوة بمجموعها تدور حول محاور ثلاثة:

أولا: توضيح الأمانة وبيانها للناس ثم أداؤها على وجهها، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبينّنه للناس ولا تكتمونه.... ((آل عمران ١٨٧)

ثانيا: إقامة الحجة والبرهان، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق... ((فصلت ٣٥) .

ثالثا: إنقاذ الأمة ووقايتها من أسباب الهلاك، وهذا ما أشار إليه القرآن بقوله تعالى: (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ((آل عمران ١٠٣) . وبمجموع هذه المحاور الثلاثة تتم الدعوة على أصولها.


(١) لحواشي والتعليقات

) أحكام القرآن للقرطبي ج٦/٢١١، روح المعاني للألوسي ج٢/١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>