للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا فتح القدس حسن عنده فتح صور، وعلم أنّه متى أخّره عسر عليه فتحه، فسار نحوها حتى أتى عكّا فنزل عليها ونظر فى أمورها؛ ثم رحل عنها متوجّها إلى صور فى يوم الجمعة خامس شهر رمضان من سنة ثلاث وثمانين المذكورة، فنزل قريبا منها، وأرسل لإحضار آلات القتال حتّى تكاملت عنده، نزل عليها فى ثانى «١» عشر الشهر المذكور، وقاتل أهلها قتالا شديدا وضايقها، واستدعى أسطول مصر، وكان السلطان يضايقها فى البرّ والبحر؛ وخرج أسطول صور فى الليل فكبس أسطول المسلمين فى البحر، وأخذوا المقدّم والرئيس وخمس قطع للمسلمين، وقتلوا خلقا كثيرا من الرجال، وذلك فى السابع والعشرين من شهر «٢» شوّال؛ وعظم ذلك على السلطان وضاق صدره؛ وكان الشتاء قد هجم وتراكمت الأمطار وامتنع الناس من القتال لكثرة الأمطار، فجمع السلطان الأمراء واستشارهم فيما يفعل، فأشاروا عليه بالرحيل لنستريح الرجال، فرحل عنها فى يوم الأحد ثانى ذى القعدة وتفرّقت العساكر، وأعطى كلّ طائفة منها دستورا؛ فسار كلّ قوم إلى بلادهم، وأقام هو فى جماعة من خواصّه بمدينة عكّا إلى أن دخلت سنة أربع وثمانين وخمسمائة. فرحل ونزل على كوكب «٣» فى أوّل المحرّم، ولم يبق معه من العسكر إلّا القليل؛ وكان كوكب حصنا حصينا فيه الرجال [والأقوات «٤» ] ، فعلم السلطان أنّه لا يؤخذ إلّا بقتال شديد. فرحل إلى دمشق فدخلها فى سادس «٥» عشرين شهر ربيع الأوّل من السنة؛ وأقام بدمشق خمسة أيّام.

وبلغه أنّ الفرنج قصدوا جبلة «٦» واغتالوها، فخرج مسرعا وقد سيّر يستدعى العساكر