للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن بعده للسلطان محمود غازان، ودعا للمسلمين والأمراء وأدّى الرسالة.

ومضمونها: إنّما قصدهم الصلح ودفعوا إليهم كتابا مختوما من السلطان غازان، فأخذ منهم الكتاب ولم يقرءوه تلك الليلة، وأعيد الرسل إلى مكانهم. فلمّا كان ليلة الخميس فتح الكتاب وقرئ على السلطان وهو مكتوب بالمغلى «١» وكتم الأمر. فلما كان يوم الخميس ثامن عشر ذى الحجّة حضر جميع الأمراء والمقدّمين وأكثر العسكر وأخرج إليهم الكتاب وقرئ عليهم، وهو مكتوب بخطّ غليظ فى نصف قطع البغدادىّ، ومضمونه:

«بسم «٢» الله الرحمن الرحيم، وننهى بعد السلام «٣» إليه أنّ الله عزّ وجلّ جعلنا وإياكم أهل ملّة واحدة، وشرفنا بدين الإسلام وأيّدنا، وندبنا لإقامة مناره وسدّدنا؛ وكان بيننا وبينكم ما كان بقضاء الله وقدره، وما كان ذلك إلّا بما كسبت أيديكم، وما الله بظلّام للعبيد! وسبب ذلك أنّ بعض عساكركم أغاروا على ماردين «٤» وبلادها فى شهر رمضان المعظّم قدره، الذي لم تزل الأمم يعظّمونه فى سائر الأقطار، وفيه تغلّ «٥» الشياطين وتغلق أبواب النيران، فطرقوا البلاد على حين غفلة من أهلها، وقتلوا وسبوا وفسقوا وهتكوا محارم الله بسرعة من غير مهلة؛ وأكلوا الحرام وارتكبوا الآثام، وفعلوا ما لم تفعله عبّاد الأصنام؛ فأتونا أهل ماردين صارخين مسارعين ملهوفين مستغيثين بالأطفال والحريم، وقد استولى عليهم الشّقاء بعد النعيم؛ فلاذوا بجنابنا «٦» وتعلّقوا بأسبابنا، ووقفوا موقف المستجير الخائف ببابنا؛ فهزّتنا نخوة الكرام، وحركتنا حميّة