للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يثبت على فرسه من شدّة سكره، ومرّ فى أقلّ من مائة فارس، وسار على ذلك حتى طلع القلعة نصف النّهار.

وفى شعبان هذا، ابتدأ بالوالد مرض موته، ولزم الفراش بدار السّعادة، وقد لهجت الناس أنّ الملك النّاصر قد اغتاله بالسّمّ؛ فإن كان ما قيل حقيقة فقد التقيا بين يدى حاكم لا يحتاج إلى بيّنة، وسبب ذلك- على ما قيل- عدم مسك الوالد للأمير شيخ ونوروز لمّا دخلا عليه بدار السّعادة بدمشق، وأيضا أنّه لمّا أمره بمسك من تقدّم ذكرهم فأمسك منهم جماعة، وأعلم يشبك بن أزدمر بالخبر ففرّ إلى جهة شيخ ونوروز، وأشياء غير ذلك.

ولكن حدّثنى كريمتى خوند فاطمة زوجة الملك الناصر المذكور بخلاف ذلك، وهو أنّه لمّا قدم عليه الخبر بمرضه صار يتأسّف ويقول: إن مات أبوك تخربت مملكتى، وبقى كلّما ورد عليه الخبر بعافيته يظهر السّرور، وكلّما بلغه أنّه انتكس يظهر الكآبة، وأنّه ما أخذها صحبته فى التجريدة إلى الشّام إلّا حتى تعوده فى مرضه، وأشياء من ذلك.

ثمّ إنّ السّلطان نادى فى أوّل شهر رمضان من سنة أربع عشرة وثمانمائة بالقلعة بالأمان، وأنّهم عتقاء شهر رمضان.

ثمّ تتبّعهم «١» بعد الأمان وأمسك منهم جماعة كبيرة؛ حتى إنّه لم يخرج شهر رمضان حتى أمسك منهم أزيد من أربعمائة نفر وسجنهم بالبرج من القلعة.

وفى رابع شهر رمضان المذكور أفاق الوالد من مرضه، وزيّنت دمشق ودقّت البشائر بسائر البلاد الشّاميّة حتى حلب وطرابلس، وأرسل الأمير شيخ ونوروز إليه بالتّهنئة، فعظم ذلك أيضا على الملك الناصر.

وفى هذا الشهر تأكّد عند السّلطان خروج شيخ ونوروز عن طاعته، وبلغه أنّ نوروزا قتل آق سنقر الحاجب، فتحقّق السّلطان عصيان المذكورين.