للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: كان ابن لهيعة يكنى أبا خريطة، وذاك أنه كانت له خريطة معلقة في عنقه فكان يدور بمصر، فكلّما قدم قوم كان يدور عليهم، فكان إذا رأى شيخا سأله: من لقيت وعمن كتبت. وفيها توفي منصور مولى عيسى بن جعفر بن منصور، وكان منصور هذا يلقب بزلزل، وكان مغنياً يضرب بغنائه وضربه بالعود المثل، وكان الغناء يوم ذاك غير الموسيقى الآن، وإنما كانت زخمات عددية وأصوات مركبة في أنغام معروفة، وهو نوع من إنشاد زماننا هذا على الضروب لإنشاد المداح والوعاظ. وقد أوضحنا ذلك في غير هذا المحل في مصنف على حدته وبينا فيه الفرق بينه وبين الموسيقى.

أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربعة أذرع وثمانية أصابع، مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعاً وثمانية أصابع ونصف.

[ذكر ولاية موسى بن عيسى الثانية على مصر]

هو موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي، ولي إمرة مصر ثانية من قبل الرشيد بعد عزل داود بن يزيد المهلبي وجمع له صلاة مصر وخراجها، فكتب موسى المذكور من بغداد إلى الأمير عسامة بن عمرو يستخلفه على الصلاة، ثم قدم خليفته على الحراج نصر بن كلثوم ثم قدم موسى إلى مصر في سابع صفر سنة خمس وسبعين ومائة وسكن بالمعسكر على العادة، وحدثته نفسه بالخروج على الرشيد فبلغ الرشيد ذلك.

قال أبو المظفر بن قزأوغلي في تاريخه «مرآة الزمان» : وبلغ الرشيد أن موسى ابن عيسى يريد الخروج عليه فقال: والله لا عزلته إلا بأخس من على بابي؛ فقال لجعفر بن يحيى: ول مصر أحقر من على بابي وأخسهم، فنظر فإذا عمر بن مهران كاتب الخيزران وكان مشوه الخلقة ويلبس ثياباً خشنة ويركب بغلاً ويردف غلامه خلفه، فخرج إليه جعفر وقال: أتتولى مصر؛ فقال: نعم، فسار إليها فدخلها