للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ولاية موسى بن عيسى الثالثة على مصر]

قلت: هذه ولاية موسى بن عيسى الهاشمي العباسي الثالثة على مصر، ولاه الرشيد على مصر بعد عزل أخيه عبيد الله بن المهدي على الصلاة؛ فلما ولي موسى من بغداد قدم أمامه ابنه يحيى بن موسى إلى مصر واستخلفه على صلاتها، فقدم يحيى ابن موسى إلى مصر لثلاث خلون من شهر رمضان سنة تسع وسبعين ومائة، ودام بمصر على صلاتها إلى أن قدمها والده موسى بن عيسى في آخر ذي القعدة من سنة تسع وسبعين ومائة المذكورة؛ وسكن المعسكر على العادة وأخذ في إصلاح أمور مصر وأصلح بين قيس ويمن من الحوف، واستمر على إمرة مصر إلى أن صرفه الرشيد عنها بعبيد الله بن المهدي ثانياً في جمادى الآخرة سنة ثمانين ومائة؛ فكانت ولاية موسى على مصر في هذه المرة الثالثة نحوا من عشرة أشهر. وخرج من مصر وتوجه إلى بغداد وصار من أكابر أمراء الرشيد، وحجّ بالناس من بغداد في السنة المذكورة.

وفي سنة اثنتين وثمانين ومائة مات بعد عوده من الحج وله خمس وخمسون سنة.

وقيل: كانت وفاته في سنة تسع وثمانين ومائة. ولما حج في سنة اثنتين وثمانين ومائة ندبه الرشيد ليقرأ عهد أولاده بالخلافة في مكة والمدينة لأن الرشيد كان بايع في هذه السنة لابنه عبد الله المأمون بولاية العهد بعد أخيه محمد الأمين؛ وولاه خراسان وما يتصل بها إلى همذان ولقبه بالمأمون وسلمه إلى جعفر بن يحيى. وهذا من العجائب لأن الرشيد رأى ما صنع أبوه وجده المنصور بعيسى بن موسى حتى خلع نفسه من ولاية العهد، ثم ما صنع به أخوه الهادي ليخلع نفسه من العهد، فلو لم يعاجله الموت لخلعه؛ ثم هو بعد ذلك يبايع للمأمون بعد الأمين حتى وقع لهما بعد موته ما فيه عبرة لمن اعتبر.