للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«إبنى، إبنى» ، فقال من حضر: «هذا إشارة بالعهد لولده» ، فإنه لا يستطيع من الكلام أكثر من هذا، وخرجوا من وقتهم إلى الدهيشة، وانتدب كاتب السّرّ لتحليف الأمراء، فحلف من حضر من الأمراء الأيمان المؤكدة، ولم ينهض أحد منهم أن يورّى في يمينه ولا يدلس، لأنهم أجانب من معرفة ذلك، وأيضا المحلف له فطن وكاتب سرّه رجل عالم، وكان من جملة اليمين: المشى إلى الحاج كذا كذا مرة، والطلاق والعتق وغير ذلك.

فلما انقضى التّحليف وتمّت البيعة قام كل أحد من الأمراء والخاصكية والأعيان وبادر إلى لبس الكلفتاة «١» والتترى الأبيض، كما هى العادة، وأحضرت خلعة السلطنة الخليفتية السوداء، ولفت له عمامة سوداء حرير، وقام المقام الشهابى المذكور ولبس الخلعة والعمامة على الفور، وركب من باب الدهيشة فرس النوبة بسرج ذهب وكنبوش «٢» زركش، ومشت الأمراء والأعيان بين يديه من باب الحوش إلى أن اجتاز بباب الدور السلطانية فتلقته الجاووشية «٣» والزردكاش ومعه القبة والطير وأبهة السلطنة، فتناول الأمير خشقدم الناصرى المؤيدى أمير سلاح القبة والطير بإذن السلطان وحملها على رأسه وهو ماش، وسار في موكب «٤» الملك بعظمة زائدة خارجة عن الحد، وصار جميع الأمراء والقضاة مشاة بين يديه إلا الخليفة المستنجد بالله فإنه ركب فرسا من خيل السلطان، ومشى بها خطوات، ثم نزل عنها لقوتها عليه، ولا زال على تلك الهيئة، حتى نزل على باب القصر السلطانى من قلعة الجبل، ودخل وجلس