للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي بينه الشيخ -رحمه الله- من أن التوكل لا يتم إلا بالأسباب مع الاعتقاد أن الأسباب لا تفيد إلا إذا أرادها الله سبحانه وتعالى أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بقوله: "فالالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد. ومحو الأسباب أن تكون أسباباً: نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب المأمور بها قدح في الشرع. فعلى العبد أن يكون قلبه معتمداً على الله. لا على سبب من الأسباب، والله ييسر له من الأسباب ما يصلحه في الدنيا والآخرة، فإن كانت الأسباب مقدورة له، وهو مأمور بها فعلها مع التوكل على الله؛ كما يؤدي الفرائض، وكما يجاهد العدو ويحمل السلاح ويلبس جنة الحرب، ولا يكتفي في دفع العدو على مجرد توكله بدون أن يفعل ما أمر به من الجهاد، ومن ترك الأسباب المأمور بها فهو عاجز مفرط مذموم" ١.

وأما عن ثمرات هذا التوكل، فيذكر الشيخ الأمين -رحمه الله- أن التوكل الصحيح على الله سبب للوقاية من كل مكروه، والحفظ من كل شر؛ يقول -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ، فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} ٢: "دليل واضح على أن التوكل الصادق على الله، وتفويض الأمور إليه: سبب للحفظ والوقاية من كل سوء ... وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون التوكل على الله سبباً للحفظ والوقاية من السوء جاء مبيناً في آيات أخر، كقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ٣، وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} ٤"٥.


١ الفتاوى ٨/٥٢٨-٥٢٩.
وانظر: مدارج السالكين ٢/١٢٠. وشرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص٥٢٠.
٢ سورة غافر، الآيتان [٤٤-٤٥] .
٣ سورة الطلاق، الآية [٣] .
٤ سورة آل عمران، الآيتان [١٧٣-١٧٤] .
٥ أضواء البيان ٧/٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>