للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: موقف الشيخ الأمين من الجبرية]

أوضح الشيخ الأمين -رحمه الله- معتقد الجبرية، وبين أنهم وقعوا في التفريط حيث زعموا أنّ العبد لافعل له، بل هو مجبور من قبل الله لا مشيئة له في حركة ولاسكون١.

وقد ردّ -رحمه الله- على هذه الفرقة الضالة في مواطن عديدة من تفسيره، وأورد شبههم التي يتعلقون بها، فأسقطها وأقام عليهم الحجة بالآيات القرآنية والبراهين العقلية؛ فقال -رحمه الله- في معرض الردّ عليهم: "وادعاء أنّ العبد مجبور لا إرادة له ضروريّ السقوط عند عامة العقلاء. ومن أعظم الضروريات الدالة عليه أنّ كلّ عاقل يعلم أنّ بين الحركة الاختيارية والحركة الاضطرارية كحركة المرتعش فرقا ضروريا لا ينكره عاقل. وأنك لو ضربت من يدعي أنّ الخلق مجبورون وفقأت عينه مثلا، وقتلت ولده واعتذرت له بالجبر فقلت له: أنا مجبور ولا إرادة لي في هذا السوء الذي فعلته بك، بل هو فعل الله وأنا لا دخل لي فيه؛ فإنه لا يقبل منك هذه الدعوى بلا شك، بل يبالغ في إرادة الانتقام منك قائلا: إنّ هذا بإرادتك ومشيئتك"٢.

وهكذا يصور لنا الشيخ الأمين -رحمه الله- تفاهة هذا المعتقد، ويبين أنه لايقوم على أساس صحيح، بل ولا ينظر إلى حقيقة القدر إلا من عين واحدة.

وقد تطرق رحمه الله إلى ذكر بعض شبه الجبرية التي أقاموا عليها مذهبهم، فأوردها رحمه الله بصيغة مناظرة بين جبريّ وسنيّ؛ فقال رحمه


١ انظر معارج الصعود ص٢٩٨. ولعلها (الإفراط وليست التفريط) .
٢ أضواء البيان ٧/٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>