للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشهرهم جميعا السموأل (١) صاحب حصن الأبلق بتيماء، وكان معاصرا لامرئ القيس، ومرت بنا أسطورته معه وما قالوا من أن امرأ القيس استودعه سلاحه، فسار إليه الحارث بن أبى شمر الغسانى أو الحارث بن ظالم المرى على اختلاف الروايات، فطلب منه سلاح امرئ القيس، فأغلق حصنه من دونه، وتصادف أن كان له ابن خارج الحصن، فأخذه الحارث، وهدده إن لم يعطه السلاح قتل ابنه، فقال له: اقتله، فلن أعطيه لك. وبذلك وفى على غير عادة قومه! . وسبق أن قلنا إن هذا من باب الأساطير، كما سبق أن اتهمنا قصيدة الأعشى التى عرضت لهذه القصة فى إسهاب. ومما نسب إلى السموأل خطأ القصيدة المشهورة:

إذا المرء لم يدنس من اللّؤم عرضه ... فكلّ رداء يرتديه جميل

وهى لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثى (٢)، وهو شاعر إسلامى. وقد نشر لويس شيخو ديوانا له برواية نفطويه فى مجلة المشرق ببيروت سنة ١٩٠٩ وهى رواية ضعيفة، إذ تشتمل على مقطوعات كثيرة يتضح فيها أنها منحولة. وروى الأصمعى تائية (٣) له، لا نكاد نقرأ فيها حتى نحس أثر الصنعة والانتحال، وهى تستهل بالحديث عن نشأة الإنسان وحياته وبعثه بعد موته على هذا النمط:

نطفة ما منيت يوم منيت ... أمرت أمرها وفيها وبيت (٤)

كنّها الله فى مكان خفىّ ... وخفىّ مكانها لو خفيت

أنا ميت إذ ذاك ثمّت حىّ ... ثم بعد الحياة للبعث ميت

وصلة هذه الأبيات بما جاء فى القرآن الكريم عن نشأة الإنسان وأنه من نطفة يمنى وأنه يحيى ثم يموت ثم يبعث فهو ينتقل من موت إلى حياة، وما حياته الثانية فى الآخرة بمستغربة، إنها تلى موته وحياته الأولى التى تحوّل إليها من ماء دافق يخرج من بين الصّلب والترائب، ويقول جلّ وعز: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ}


(١) انظر ترجمته فى الأغانى ١٩/ ٩٨.
(٢) شرح المرزوقى على ديوان الحماسة لأبى تمام (طبع لجنة التأليف) ١/ ١١٠.
(٣) الأصمعيات (طبع دار المعارف) ص ٨٤ وراجع ابن سلام ص ٢٣٦.
(٤) ما منيت: ما زائدة. ومنيت: قدرت وخلقت. وبيت: هيئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>