للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القعقاع بن معبد التميمى وخالد بن مالك النهشلى إلى ربيعة بن حذار الأسدى (١) واستخدموها فى الحض على القتال وبعث الموجدة فى نفوس قبائلهم ودفعها إلى نيران الحرب وتراميهم فى أوارها كأنهم الفراش، يقول أبو زبيد الطائى (٢):

وخطيب إذا تمعّرت الأو ... جه يوما فى مأقط مشهود (٣)

ويقول عامر المحاربى فى مديح قومه (٤):

وهم يدعمون القول فى كل موطن ... بكل خطيب يترك القوم كظّما (٥)

يقوم فلا يعيا الكلام خطيبنا ... إذا الكرب أنسى الجبس أن يتكلما (٦)

وكما كان يدعو خطباؤهم إلى الحرب وسفك الدماء كانوا يدعون إلى الصلح وإصلاح ذات البين وأن تضع الحرب أوزارها، يقول ربيعة بن مقروم الضبى (٧):

ومتى تقم عند اجتماع عشيرة ... خطباؤنا بين العشيرة يفصل

وكانوا كثيرا ما يخطبون فى وفادتهم على الأمراء، إذ يقف رئيس الوفد بين يدى الأمير من الغساسنة أو المناذرة، فيحييه، متحدثا بلسان قومه. وفى السيرة النبوية ما يصور جانبا من هذه الوفود، إذ وفد كثير منها على الرسول منذ السنة الثامنة، وكان يقوم خطيب الوفد بين يديه متحدثا، ويرد عليه خطيب الرسول على نحو ما هو معروف عن وفد تميم وخطبة عطارد بن حاجب بن زرارة بين يديه (٨). وكان ذلك سنة شائعة بينهم فى الجاهلية حين يفدون على الأمراء أو على من له رياسة وسيادة، يقول أوس بن حجر فى رثاء فضالة بن كلدة (٩):

أباد ليجة من يكفى العشيرة إذ ... أمسوا من الخطب فى نار وبلبال

أم من يكون خطيب القوم إذ حفلوا ... لدى الملوك ذوى أيد وأفضال (١٠)


(١) البيان والتبيين ٢/ ٢٧٢.
(٢) البيان والتبيين ١/ ١٧٦.
(٣) تمعرت الوجوه: تغيرت واصفرت. المأقط: موضع القتال.
(٤) المفضليات، القصيدة ٩١.
(٥) كظما: جمع كاظم وهو الساكت غيظا.
(٦) الجبس: اللئيم المنقطع.
(٧) أغانى (ساسى) ١٩/ ٩٣.
(٨) تاريخ الطبرى، القسم الأول ص ١٧١١ والأغانى (طبعة دار الكتب) ٤/ ١٤٦.
(٩) نقد الشعر لقدامة (طبعة الجوانب) ص ٣٥ وديوان أوس (طبعة بيروت) ص ١٠٣.
(١٠) أيد: قوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>